الحمد لله.
أولا :
إذا بلغ الغضب بالمرء حالة لا يمكنه فيها التحكم في أقواله أو أفعاله ، وغاب عن شعوره بحيث ينتفي قصده لما يقوله أو يفعله : لم يعتبر طلاقه ، ولا عتقه ، ولا أيمانه .
وقد سبق بيان حكم طلاق الغضبان جواب السؤال رقم (45174)
ثانيا :
إذا علق الرجل طلاق امرأته على فعل شيء أو تركه ، كأن يقول لها إن فعلت كذا فأنت طالق ، أو : إن لم تفعلي كذا فأنت طالق ، ففعلت ما نهاها عنه ، أو تركت ما أمرها بفعله ، فقد ذهب جمهور العلماء إلى أنه تطلق بمجرد ذلك .
والقول الثاني : أنها لا تطلق إلا إذا كان قصده إيقاع الطلاق عند حدوث ما علقه عليه ، وأما إذا كان قصده مجرد الحث على فعل شيء ، أو المنع منه ، لم يقع طلاقه . وهذا القول هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من أهل العلم .
وينظر جواب السؤال رقم (82400)
ثالثا :
إذا علق الزوج طلاق امرأته على فعل شيء أو تركه ، ففعلت ما نهاها عنه ، مكرهة ، أو ناسية ليمينه ، أو كانت جاهلة بتعليقه الطلاق على ذلك : فالصحيح في ذلك كله أنها لا تطلق ، لقول الله تعالى : ( لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ) البقرة/286
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله جل جلاله قال عن دعاء المؤمنين هذا : ( قد فعلت ) .
وهذا القول هو مذهب الشافعية . ينظر روضة الطالبين (8/193) ، وإحدى الروايات عن الإمام أحمد ، صوبها المرداوي في الإنصاف (9/115، 117) ، وهي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله . قال :
" وإذا حلف على زوجته لا تفعل شيئا ، ولم تعلم أنه حلف ، أو علمت ونسيت ففعلته : فلا حنث عليه ، وله أن يصدقها إن كانت صادقة عنده " انتهى من "مختصر الفتاوى المصرية" (545) .
وقال تلميذه ابن مفلح في "الفروع" (11/60) :
" وَعَدَمُ حِنْثِهِ هُنَا أظهر " انتهى . ومراده : أظهر من عدم حنث الناسي .
وينظر جواب السؤال رقم (117677) ، ورقم (128823)
والحاصل :
أن زوجتك ، على ما ورد في سؤالك ، لا تطلق بما حدث ، لكن عليك أن تتحلى بالحلم والأناة ، وأن تبعد زوجتك وطلاقها عما تواجهه من مشكلات ، فالطلاق شرع من شرع الله ، لم يوضع لتنفيس الغضب ، أو العقاب ، لا سيما وأنت تذكر أنها بريئة مما اتهمت به .
نسأل الله أن يصلح لكما شأنكما ، وأن يجمع بينكما على خير .
والله أعلم .