أريد أن أسأل عن حكم مشاهدة بعض " الأنمي "، مثل " ناروتو "، علما أن فيه بعض الأمور المخلة بالعقيدة كإحياء الموتى . وهل يصل حكم مشاهدتها للكفر ؟، أم أن هذا الحكم خاص بمن يرضى بهذا الكفر ؟
الحمد لله.
" الأنمي " كلمة يابانية تعني نوعا معينا من الرسوم المتحركة ، أو تقنية محددة لصنع الرسوم المتحركة ، وتسمى بالإنجليزية (animation)، تعتمد كثير من لقطاتها على تقريب وتبعيد لصورة جامدة واحدة لمنح وهم الحركة ، في حين أن الرسوم المتحركة التقليدية تعتمد على مئات الصور التي تختلف عن بعضها لتشكل لقطة حركية واحدة .
فالحديث عن " الأنمي " ، من حيث الأصل : لا يختلف في سياقه وحكمه عن الحديث حول الرسوم المتحركة والأفلام الكرتونية ، وقد سبق في موقعنا تفصيل الكلام حول هذه المنتجات ، وتناولنا بعض أطراف الحديث حول الآثار الإيجابية أو السلبية لها على الناشئة ، وذلك في الفتوى رقم : (71170) ، (97444) ، (166038) ، (112018) .
وخلاصة ما سبق : أنه لا يمكن الجزم بحكم شرعي واحد لجميع منتجات الرسوم المتحركة ، فهي متفاوتة في قصتها وأهدافها وما اشتملت عليه ، وأيضا في تأثيرها على الأطفال نحو الفضائل أو نحو الرذائل ، فلكل إنتاج حكمه الخاص بعد دراسته ونقده من قبل المختصين الشرعيين والتربويين والنفسيين .
وقد سبق إصدار بعض الأحكام الخاصة على بعض تلك المنتجات بعد دراستها ونقدها ، يمكن مراجعة نتائج تلك الدراسات في الأرقام الآتية : (110352) ، (116126) ، (115149) .
ونحن لم نقم بدراسة مفصلة لمنتج " الأنمي " الشهير : " ناروتو "، فحلقاته تبلغ المئات ، وذلك ما يقتضي تخصيص بعض الباحثين أياما طويلة للنظر فيما يشتمل عليه من قيم وأحداث ، إلا أننا نتكئ على ما تقدم بيانه وتفصيله في الإجابات السابقة من ضوابط عامة ، وقواعد تعين الناظر على تحديد الحكم الشرعي في كل ما يشاهده من تلك المنتجات ، فهي كثيرة جدا ، والقواعد العامة تمنح القدرة للباحثين جميعا على تعرف الحكم الشرعي الخاص .
ومن تلك القواعد التي نحرص على بيانها ضرورة ضبط الخيال الممارس في منتجات " الأنمي " أو الرسوم المتحركة بما لا يتعارض مع العقيدة الإسلامية كإحياء الموتى ، والسحر ، وعلم الغيب ونحو ذلك ، وقد سبق تقريره أيضا في الفتاوى : (1107) ، (115294) ، (118258) ، (118292) .
يقول ابن حجر الهيتمي رحمه الله – بعد أن ذكر تحريم السحر والكهانة ونحوها من الشعوذات -: " [ ويحرم ] التفرج على فاعل شيء من ذلك كما هو ظاهر ؛ لأنه إعانة على معصية ، ثم رأيت في فتاوى [ النووي ] ما يصرح بذلك ، والخبر الصحيح : ( من أتى عرافا لم تقبل له صلاة أربعين يوما ) يشمله " انتهى من " تحفة المحتاج " (8/62) .
ويقول الإمام الرملي رحمه الله " اعلم أنه يحرم التفرج على هذه الأشياء المحرمة ، لأن فيه إعانة لهم على الحرام " انتهى من " حاشية الرملي على أسنى المطالب " (4/344) .
ومع ما سبق من القول بتحريم مشاهدة البرامج المشتملة على السحر ، أو عقائد ، أو أعمال كفرية باطلة ، فإن ذلك لا يبلغ حد الكفر بمجرده ، ما لم تدل القرينة على رضاه بما فيه من الكفر ، أو قبوله له .
والله أعلم .