الحمد لله.
كما سبق أنه إن كان الموظف شريكا مضاربا ، فإنه لا يجوز له أن يكون له راتب شهري
، وأنه ليس له إلا النسبة المتفق عليها بينه وبين صاحب المال من الأرباح .
وينظر في ذلك إلى جواب السؤال رقم : (122622) .
ثانيا :
قيامك باستبعاد ذلك الموظف وفصله له حالان :
الحال الأولى : أن يكون بينكما اتفاق ( مكتوب أو لفظي ) على مدة معينة للعمل ، فلا
يحل لك - والحالة هذه - أن تفصله قبل انقضاء تلك المدة ، فـ (المسلمون على شروطهم)
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، ويستوي في هذه الحال كونه شريكا أو موظفا .
الحال الثانية : ألا يكون بينكما اتفاق على مدة معينة ، فيجوز لك أن تفصله من العمل وتنهي الاتفاق معه في أي وقت إذا أعطيته ما يستحقه من الراتب والنسبة التي تم الاتفاق عليها ، ويستوي في هذا أيضا كونه شريكا أو موظفا .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" وَالْمُضَارَبَةُ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ ، تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ
أَحَدِهِمَا، أَيِّهِمَا كَانَ .. وَلا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَبْلَ التَّصَرُّفِ
وَبَعْدَهُ .
فَإِذَا انْفَسَخَتْ وَالْمَالُ نَاضٌّ [ أي : بعد التصفية وتحويل الأصول إلى سيولة
نقدية ] لا رِبْحَ فِيهِ ، أَخَذَهُ رَبُّهُ [ أي : صاحب المال ] .
وَإِنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ ، قَسَمَا الرِّبْحَ عَلَى مَا شَرَطَاهُ .
وَإِنْ انْفَسَخَتْ وَالْمَالُ عَرْضٌ [ أي : بضاعة ] ، فَاتَّفَقَا عَلَى بَيْعِهِ
أَوْ قَسْمه جَازَ ؛ لأَنَّ الْحَقَّ لَهُمَا ، لا يَعْدُوهُمَا .
وَإِنْ طَلَبَ الْعَامِلُ الْبَيْعَ ، وَأَبَى ، رَبُّ الْمَالِ ، وَقَدْ ظَهَرَ
فِي الْمَالِ رِبْحٌ ، أُجْبِرَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْبَيْعِ ؛ لأَنَّ حَقَّ
الْعَامِلِ فِي الرِّبْحِ ، وَلا يَظْهَرُ إلا بِالْبَيْعِ .
وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ رِبْحٌ ، لَمْ يُجْبَرْ ؛ لأَنَّهُ لا حَقَّ لَهُ فِيهِ ،
وَقَدْ رَضِيَهُ مَالِكُهُ كَذَلِكَ فَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَيْعِهِ . وَهَذَا
ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ " انتهى من " المغني " (5/46) .
وجاء في الموسوعة الفقهية (7/46) :
" الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ (غَيْرُ اللاَّزِمَةِ) كَالْوَكَالَةِ وَالشَّرِكَةِ
وَالْمُضَارَبَةِ وَالْعَارِيَّةِ :
هَذِهِ الْعُقُودُ يَجُوزُ فِيهَا لِكُل وَاحِدٍ مِنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَسْخُ
الْعَقْدِ لأِنَّهُ غَيْرُ لاَزِمٍ ، وَيُعْتَبَرُ الْعَقْدُ مُنْقَضِيًا بِذَلِكَ
" انتهى .
لكن .. إذا كان شريكا ويترتب على فسخ الشركة في هذا الوقت ضرر عليه ، فإنه يجب
عليك أن تعوضه عن ذلك الضرر ، وذلك لأن القاعدة عند العلماء : " أن العقود الجائزة
( وهي التي يجوز لأي من الطرفين أن يفسخها بدون رضى الطرف الآخر ) لا يجوز فسخها
إذا ترتب على ذلك الفسح ضرر على الطرف الآخر ، إلا إذا تحمل الفاسخ لها ذلك الضرر "
.
ذكر هذه القاعدة ابن رجب رحمه الله في كتابه " القواعد " القاعدة الستون ، وذكر من
أمثلتها : شركة المضاربة إذا كان فسخها فيه ضرر على أحد الطرفين .
ومثال الضرر : أن تكون تلك المشروعات التي قام بها لا يظهر ربحها في العادة إلا بعد
سنة مثلا ، وأنت قمت بفسخ العقد قبل هذه المدة ، فيجب أن يعوض عن الربح المتوقع .
قال الزركشي رحمه الله : " العقود الجائزة إذا اقتضى فسخها ضررا على الآخر امتنع وصارت لازمة " انتهى من " المنثور في القواعد " (2/401) .
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (22/135) : "الْعُقُودُ الْجَائِزَةُ ( غَيْرُ اللاَّزِمَةِ ) كَالْعَارِيَّةِ ، وَالْوَصِيَّةِ ، وَالشَّرِكَةِ ، وَالْمُضَارَبَةِ ، وَالْوَكَالَةِ ، وَالْوَدِيعَةِ ، عُقُودٌ غَيْرُ لاَزِمَةٍ ، وَعَدَمُ لُزُومِهَا يُبِيحُ الرُّجُوعَ فِيهَا إِذَا تَوَافَرَتِ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ الَّتِي حَدَّدَهَا الْفُقَهَاءُ : كشَرْطِ عِلْمِ الطَّرَفِ الآْخَرِ بِالْفَسْخِ ، وَشَرْطِ عَدَمِ الضَّرَرِ فِي الرُّجُوعِ " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " عقد المضاربة من العقود الجائزة ، أي :
التي يملك كل واحد من المتعاقدين أن يفسخ العقد ، إذا لم يكن في ذلك ضرر على الآخر
" انتهى من " فتاوى نور على الدرب " .
والله أعلم .