الحمد لله.
قال السندي رحمه الله :
" قَوْلُهُ (يَنْشَأُ نَشْءٌ) فِي الْقَامُوسِ: النَّاشِئُ : الْغُلَامُ
وَالْجَارِيَةُ جَاوَزَ حَدَّ الصِّغَرِ .
قَوْلُهُ (كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ) أَيْ ظَهَرَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ، (قُطِعَ) :
اسْتَحَقَّ أَنْ يُقْطَعَ ، وَكَثِيرًا مَا يُقْطَعُ أَيْضًا ، كَالْحَرُورِيَّةِ :
قَطَعَهُمْ عَلِيٌّ .
(فِي عِرَاضِهِمْ) فِي خِدَاعِهِمْ ، أَيْ أَنَّ آخِرَهُمْ يُقَابِلُهُمْ
وَيُنَاظِرُهُمْ . وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ (أَعْرَاضِهِمْ) وَهُوَ جَمْعُ عَرْضٍ ،
بِمَعْنَى الْجَيْشِ الْعَظِيمِ، وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنَ الْعرْضِ بِمَعْنَى
نَاحِيَةِ الْجَبَلِ، أَوْ بِمَعْنَى السَّحَابِ الَّذِي يَسُدُّ الْأُفُقَ،
وَهَذِهِ النُّسْخَةُ أَظْهَرُ مَعْنًى " انتهى .
وروى أحمد (6952) والحاكم (8558) عن عَبْد اللهِ بْن عَمْرٍو قال :
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُولُ: (
يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ
تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا قُطِعَ قَرْنٌ نَشَأَ قَرْنٌ ، حَتَّى يَخْرُجَ فِي
بَقِيَّتِهِمُ الدَّجَّالُ ) وصححه الشيخ أحمد شاكر .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُمْ لَا
يَزَالُونَ يَخْرُجُونَ إلَى زَمَنِ الدَّجَّالِ. وَقَدْ اتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ
عَلَى أَنَّ الْخَوَارِجَ لَيْسُوا مُخْتَصِّينَ بِذَلِكَ الْعَسْكَرِ [يعني :
الذين قاتلوا عليا رضي الله عنه] " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (28/ 495-496)
فأفاد الحديث : أن الخوارج فرقة من فرق الأمة ، وأنها سيستمر وجودها إلى آخر الزمان
، غير أنها تظهر فترة بعد فترة ، وكلما ظهرت طائفة منهم قُطعت ، وانتهى أمرها ، ثم
تظهر طائفة أخرى .... وهكذا ، حتى يخرج الدجال في آخرهم .
وقد وردت في الخوارج نصوص كثيرة ، وآثار عن السلف ، تتحدث عن صفاتهم ، وجملة ذلك :
أنهم أحداث الأسنان (صغار السن) ، سفهاء الأحلام ، يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم
[أي : لا يفهمونه ولا يصل إلى قلوبهم] ، يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية،
ثم لا يعودون فيه.
يقتلون أهل الإيمان ، ويدعون أهل الأوثان، ويطعنون على أمرائهم، ويشهدون عليهم
بالضلال , يدعون إلى كتاب الله، وليسوا منه في شيء، ولا يرون لأهل العلم والفضل
مكانة ، ويظنون أنهم أعلم منهم بالله ورسوله وكتابه ، ويتشددون في العبادة ،
ويجتهدون فيها أشد الاجتهاد ، ولكن مع جهل وقلة فقه ، يكفرون كل من ارتكب كبيرة من
المسلمين .
فهذه صفاتهم كما جاءت في الأحاديث ، وذكرها العلماء .
ولا يجوز لأحد أن يتهم أحدا بأنه من الخوارج لمجرد أنه خالفه في الرأي ، أو لمجرد
أنه رأى منه بعض التشدد ، فليس كل متشدد من الخوارج ، وقد تقدم في الفتوى رقم (182237)
التعريف بفرقة الخوارج فلتنظر .
والله أعلم .