الحمد لله.
أولا :
إذا كان تحفظ الدولة على المال قد تم بسبب تقصير منك ، أو فعلت شيئا يترتب عليه هذا
التحفظ ، ولم يكن ذلك بعلم شريكك وموافقته : فأنت ضامن لهذا المال ، فيجب عليك أن
ترده إلى ورثة هذا الشخص سواء رجع المال إليك من الدولة ، أم لم يرجع .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (7/162) : " إذا تعدى المضارِب [وهو الذي أخذ
مال شخص ليتاجر به ويكونان شريكين في الربح] وفَعَل ما ليس له فِعله ، أو اشترى
شيئا نُهي عن شرائه : فهو ضامن للمال في قول أكثر أهل العلم ، وهو مذهب أبي حنيفة
ومالك والشافعي وأحمد" انتهى .
ثانيا :
أما إذا كان التحفظ على المال قد تم بدون تقصير أو تسبب منك ، فلا يلزمك ضمانه
لصاحبه ، إذا لم يرجع إليك .
ولكن متى رجع إليك هذا المال : فقد انتقل ملكه إلى ورثة شريكك ، فيجب عليك إخبارهم
بعودة المال إليك ، ثم إن شاؤوا أن يبقوا الشركة كما كانت ، أو يأخذوا حقهم :
فالأمر إليهم .
قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن مات أحد الشريكين ، وله وارث رشيد : فله أن يقيم
على الشركة ، وله المطالبة بالقسمة ، فإن كان مَوْلِيَّا عليه [أي : كان الوارث
صغيرا لم يبلغ] : قام وليه مقامه في ذلك " انتهى من " المغني " (7/132) .
وينبغي أن تعلم أنه إذا كان
حصل ربح من المال قبل التحفظ عليه ، فلورثة شريكك النصيب المتفق عليه من الربح ،
ترده إليهم مع رأس المال .
ثالثا :
يجب عليك أن تسأل عن هذا الشخص ، وعن ورثته حتى تصل إليهم ، لأن هذا المال أمانة
عندك ، وقد أمرنا الله تعالى بأداء الأمانة إلى أصحابها ، فقال تعالى : ( إِنَّ
اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) النساء/58.
فيجب عليك أن تسأل ، وتبحث عنهم حتى تؤدي إليهم أمانتهم .
وإلى أن يحصل ذلك يجب عليك
أن تحفظ هذا المال في مكان أمين ، ولا يجوز لك إنفاقه ولا الاقتراض منه ، لأن هذا
هو حكم الأمانة .
فإن طالت المدة وبذلت كل ما
في وسعك للوصول إليهم ، ولم تستطع ، ويئست من الوصول إليهم فإنك تتصدق بهذا المال
عنهم ، فإن عثرت عليهم ، يوما من الدهر ، ولو بعد صدقتك بالمال ، فالحق ثابت لهم ،
إن شاؤوا أخذوه ، وإن شاؤوا تركوه ، ولهم أجر الصدقة ، كما قد سبق بيان هذا في
الفتوى رقم : (12732) .
ولمزيد الفائدة انظر الفتوى رقم : (13717)
.
والله أعلم .