تعلق بمذيعة في قناة إخبارية عربية
أنا شاب منَّ الله علي بالهداية ، وحفظت القرآن ، وبدأت أطلب العلم ، كنت مهتما بمتابعة أخبار المسلمين ، في أحد الأيام
أردت متابعة أخبار حرب غزة الأخيرة ، كانت في رمضان 1435،
فتحت التلفاز على إحدى القنوات الإخبارية العربية ، وكانت مقدمة الأخبار مذيعة جميلة ،
ومنذ ذلك الحين وحتى الآن وفكري مشغول بها ، وقد وحاولت التواصل معها بحجة دعوتها للحجاب ، حتى وقعت في حبها وتعلق قلبي بها ، والآن أريد أن أتوب لله ، وأتخلص من هذا الحب .
دلوني على الطريق عسى الله أن ينفع بكم . أرشدكم الله للصواب .
الجواب
الحمد لله.
طريق التوبة مفتوح بين العبد وربه ، لا يحتاج سوى الصدق مع الله ، والندم الحقيقي
على ما فات من إثم ومعصية ، وعزيمة قلبية أكيدة على عدم العودة إلى مثلها ، مع
الاستغفار والالتجاء إلى الله بالدعاء كي يغفر الذنب ويصفح عن الزلل .
أما داء التعلق المحرم فقد سبق بيان أسبابه وطرق علاجه في موقعنا ، في العديد من
الفتاوى المهمة ، يمكنك مراجعتها في الأرقام الآتية : (94836)
، (82941) ، (83724)
، (104078) ، (114801)
.
نلخصها لك في علاجين ، إن فرطت فيهما فوحدك تتحمل مسؤولية نفسك ، ولا تسل بعد ذلك
عن معاناتك ولا عن آلامك ، فقد سعيت إليها بقدميك ، ولم تتخذ قرارك بعد بالعلاج :
الأول :
أن تقطع النظر إلى صور هذه المذيعة ونشراتها الإخبارية تماما ، حتى لو اضطررت إلى
حذف القناة الإخبارية كلها ، وقطع الإنترنت عن جهازك ، فهذا أقل ما يجب عليك إن
أردت السلامة والعافية ؛ وليس ذلك لحرمة نظرك إليها فحسب ، بل أيضا لأن علاج التعلق
المحرم يبدأ بالانقطاع الكامل عن المتعلق به ، حتى كأنه لم يخلق في هذه الدنيا ،
والتخلص من جميع آثاره وبقاياه ، حتى وكأن شيئا لم يكن ، وحينئذ تبدأ النفس بتقبل
هذا الواقع الجديد ، وتنقطع آمالها الكاذبة ، وأوهامها الفاسدة ، وهنا بداية العلاج
.
يقول أبو حامد الغزالي رحمه الله :
" لا يزول العشق إلا بمفارقة المعشوق بالسفر عن مستقره ، حتى إذا سافر وفارق تكلفا
، وصبر عنه مدة ، تسلى عنه قلبه " انتهى من " إحياء علوم الدين " (3/262) .
ويقول ابن الجوزي رحمه الله :
" العلاج الكلي في جميع أمراض العشق : الحِمْيَةُ ، وإنما تقع الحمية بالعزم الجازم
على هجر المحبوب ، فإن حصلت هذه الحمية حسنت المعالجة ، والعلاج حينئذ يقع للظاهر
والباطن ، فليبتدئ المريض باللجوء إلى الله سبحانه ، وليكثر من الدعاء ، فإنه مضطر
، وهو يجيب المضطر إذا دعاه . ثم ليتعالج ؛ فإن الأسباب لا تنافي التوكل والدعاء "
.
انتهى من " ذم الهوى " (ص633) .
الثاني :
السعي الجاد في الزواج ، وتجاوز جميع القيود المجتمعية التي تقضي بتأخير الزواج ،
سواء باشتراط تحصيل وظيفة مرموقة أم بشراء منزل أم بإتمام الدراسة ، فكل هذه
العوائق هي في حقيقتها أوهام تخلقها العادات والتقاليد ، ولا بد أن يعمل الشباب على
تبديدها وكسرها ، والمبادرة بالزواج في أقرب فرصة تتيسر ، ولو بالدخل اليسير ،
والعيش في مسكن صغير ، المهم أن يتحقق في القلب الصدق في طلب العفة والحلال ، وحسن
الخلق في معاملة الزوجة والعزم على الإحسان إليها ، والأخذ بالأسباب المادية
المطلوبة في سبيل تحقيق ذلك ، وتحسين سبل العيش وأسبابه .
نسأل الله تعالى لنا ولك العافية ، وأن يحفظ عليك قلبك وعقلك ونفسك فيما يرضي الله
سبحانه.
والله أعلم .