الحمد لله.
فإطلاق العبارة بهذا المعنى
على الآية من القرآن الكريم جائز لا حرج فيه : فنقول : هذه عبارة القرآن أي : لفظ
القرآن وكلامه ، وقد استعملها بعض المفسرين في تفسيره .
قال ابن عطية رحمه الله :
" وعبارة القرآن في سوق هذه المعاني : تفوت كل تفسير ، براعة وإيجازا وإيضاحا " .
انتهى من " تفسير ابن عطية " (3/ 118) .
وقال البقاعي رحمه الله :
" وعبارة القرآن في إسناد الحسن إلى الإنسان : تدل على أن من كان عمله أحسن ، كان
هو أحسن، ولو أنه أبشع الناس منظراً، ومن كان عمله أسوأ ، كان بخلاف ذلك، والحسن
إنما يدرك بالشرع ، فما حسنه الشرع فهو الحسن ، وما قبحه فهو القبيح " .
انتهى من"نظم الدرر" (20/ 220) .
وعلى هذا ؛ فقولك : (إن لله وإنا إليه راجعون) هذه العبارة من كلام الله : لا حرج فيه ، وهو معنى صحيح .
ثانيا :
يستعمل بعض أهل البدع هذه الكلمة "عبارة" ويقصدون بها معنى مذموما ، وهو قولهم عن
القرآن الكريم : إنه عبارة عن كلام الله .
ويعنون بهذا: أن هذا القرآن الكريم ليس كلام الله ، ولم يتكلم الله به ، بحروفه
وألفاظه وأصواته ، ولا سمعه منه جبريل عليه السلام ، وإنما خلق الله صوتا ، وتكلم
هذا الصوت بالقرآن فعبر عما في نفس الله تعالى !
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ السَّلَفِ: إنَّ هَذَا الْقُرْآنَ عِبَارَةٌ عَنْ
كَلَامِ اللَّهِ ، وَلَا حِكَايَةٌ لَهُ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (12/ 302).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لا يجوز أن نقول: هذا القرآن عبارة عن كلام الله ؛ على سبيل الإطلاق.
والذين قالوا: إنه حكاية : هم الكلابية ، والذين قالوا: إنه عبارة : هم الأشعرية.
والكل اتفقوا على أن هذا القرآن الذي في المصحف ليس كلام الله ، بل هو إما حكاية أو
عبارة.
والفرق بينهما:
أن الحكاية المماثلة؛ يعني: كأن هذا المعنى الذي هو الكلام عندهم حكي بمرآة؛ كما
يحكي الصدى كلام المتكلم.
أما العبارة؛ فيعني بها : أن المتكلم عبر عن كلامه النفسي بحروف وأصوات خلقت.
فلا يجوز أن نطلق أنه حكاية أو عبارة " انتهى من "مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (8/
465) .
وهذا المعنى المبتدع ليس هو ما وقع السؤال عنه ، وليس هو المتعارف بين الناس في إطلاقاتهم ، وعباراتهم .
والله تعالى أعلم .