الحمد لله.
وينظر للفائدة في مسألة
الاعتداء في الدعاء إلى جواب السؤال رقم : (41017)
، وجواب السؤال : (128084) .
ثانياً :
إخبار الشخص غيره بما عليه من حال ، من مرض أو فقر أو بلاء ونحو ذلك ، إن كان الغرض
من الإخبار : مجرد إعلام وإخبار فقط ، فهذا لا بأس به ، وأما إذا كان القصد من ذلك
الإخبار : شكاية الخالق للمخلوق ، والاعتراض والتسخط على قضاء الله ، فهذا إخبار
مذموم ؛ وفيه دلالة على أن ذلك العبد غير صابر على ما كتبه الله وقدره عليه .
قال القرطبي رحمه الله :
" فَأَمَّا الشَّكْوَى عَلَى غَيْرِ مُشْكٍ ( أي : لمن لا يؤمل منه إزالتها )
فَهُوَ السَّفَهُ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْبَثِّ وَالتَّسَلِّي "
انتهى من " تفسير القرطبي " (9/253) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" إخبار المخلوق بالحال ، فإن كان للاستعانة بإرشاده أو معاونته والتوصل إلى زوال
ضرر ، لم يقدح ذلك في الصبر ، كإخبار المريض للطبيب بشكايته ، وإخبار المظلوم لمن
ينتصر به بحاله ، وإخبار المبتلى ببلائه لمن كان يرجو أن يكون فرجه على يديه ، وقد
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل على المريض يسأله عن حاله ، ويقول : ( كيف
تجدك ؟ ) ، وهذا استخبار منه واستعلام بحاله " انتهى من " عدة الصابرين " (ص/271) .
وجاء في " الآداب الشرعية "
لابن مفلح رحمه الله (2/174) :
" وَقَالَ الشَّيْخُ مَجْدُ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ : وَلَا بَأْسَ أَنْ
يُخْبِرَ بِمَا يَجِدُهُ مِنْ أَلَمٍ وَوَجَعٍ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ ، لَا لِقَصْدِ
الشَّكْوَى " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" كتمان المرض خير من إعلانه ، لكن إعلانه والإخبار به ، لا على وجه الشكوى : لا
بأس به ؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وارأساه ) . فإذا سئل المريض : لا
بأس عليك ، ما الذي فيك ؟ وقال : فِيَّ كذا وكذا ، بدون أن يقصد بهذا التشكيَ ،
وإنما يقصد الإخبار : فلا بأس ؛ ولهذا كان بعض المرضى يقول ، إخباراً لا شكوى :
فِيَّ كذا وكذا ، ومن المعلوم أن العاقل لا يمكن أن يشكو الخالق إلى المخلوق ؛ لأن
الخالق أرحم به من نفسه وأمه ، والشكاية للمخلوق تنافي الصبر ؛ لأن مضمونها التسخط
من قضاء الله وقدره ، وما أصدق قول الشاعر:
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما ……تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم " .
انتهى من " فتاوى نور على الدرب " لابن عثيمين .
وعليه ، فلو كان قصد واضع
ذلك الدعاء على " الواتس أب " ، الاعتراض على القدر ، وشكاية الخالق إلى المخلوق ،
فهذا غرض وقصد مذموم ، وصاحبه واقع بذلك فيما ينافي الصبر .
قال ابن القيم رحمه الله :
" لما كان الصبر : حبس اللسان عن الشكوى الى غير الله ، والقلب عن التسخط ،
والجوارح عن اللطم وشق الثياب ونحوها ؛ كان ما يضاده واقعا على هذه الجملة ، فمنه
الشكوى إلى المخلوق ، فإذا شكا العبد ربه إلى مخلوق مثله ، فقد شكا من يرحمه إلى من
لا يرحمه " .
انتهى من " عدة الصابرين " (ص/271) .
وينبغي للمسلم أن ينزل حاجته وشكواه بربه ، وأن يعلق قلبه به ، فهو سبحانه قاضي
الحاجات وكاشف الكربات وشافي الأبدان والقلوب من أسقامها ، كما قال تعالى عن يعقوب
عليه السلام : ( إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ
اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) يوسف / 86 .
وينظر للفائدة إلى جواب
السؤال رقم : (219462) .
والله أعلم .