أنا مهندس معماري ، وآخذ شغل تشطيبات شقق ، ويكون الاتفاق بيني وبين العميل أن أتعابي تكون بنسبة من التكلفة الإجمالية ، ويكون متابعا معي في كل بند ، وأبلغه قبل تنفيذ كل بند بتكلفته وخاماته ، وأنا لما أشتري له خامات أو أوفر له عماله للتنفيذ أستطيع بحكم علاقاتي أن أحصل على خصومات ؛ سواء على الخامات أو المصنعيات ، والخصومات هذه تأتي بسبب علاقة العمل بيني وبين الناس هذه منذ سنين . السؤال : إن الخصومات هذه أنا آخذها لحسابي بحكم أنهم يعملون لي الخصومات هذه بسببي ، فهل هذه حلال أم حرام ؟ وإذا كان حراما فكيف لي أن أرد المبالغ التي أخذتها بدون أن يعلم ؟
الحمد لله.
ما تقوم به من عمل لذلك العميل ، إنما هو من باب الوكالة ، وما يحصل للوكيل من امتيازات أو خصومات في أمر الوكالة ، الأصل فيها أنها لمن وكله ؛ ويدل لهذا ما رواه البخاري (3643) عَنْ عُرْوَةَ رضي الله عنه (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَعْطَاهُ دِينَارًا يَشْتَرِي لَهُ بِهِ شَاةً ، فَاشْتَرَى لَهُ بِهِ شَاتَيْنِ ، فَبَاعَ إِحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ ، وَجَاءَهُ بِدِينَارٍ وَشَاةٍ ، فَدَعَا لَهُ بِالْبَرَكَةِ فِي بَيْعِهِ ، وَكَانَ لَوْ اشْتَرَى التُّرَابَ لَرَبِحَ فِيهِ) .
وعند أحمد (19361) فقلت : ( يا رسول الله ، هذا ديناركم ، وهذه شاتكم ) .
وللفائدة ينظر في جواب السؤال رقم : (9386) ، ورقم : (36573) .
وعليه ، فما تحصلت عليه من فرق في السعر عند شراء تلك الأشياء ، فهو من حق ذلك العميل ؛ لكونك قد اشتريتها لأجله ، وبطلب منه ، فأنت وكيل عنه في الشراء ، فيلزم أن تصدق معه في بيان السعر الحقيقي لتلك الخامات ، فيلزمك أن ترد تلك المبالغ التي أخذتها لذلك الشخص بالطريقة التي تراها مناسبة ، وليس فيها حرج عليك .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء – المجموعة الأولى " (14/264) :
" أخذ أحد أصدقائي مالا أخذه من صديقه عندما أعطى له فعلا 100 ريال ، يشتري له شيئا معينا ، وصاحب المحل يعرفه ، فثمن هذا الشيء أصلا 95 ريالا في جميع المحلات ، وأخذه من صاحبه بـ 85 ريالا ، هل فيها شيء وما الحكم ؟ إنه يود إرجاعها فيخشى أن يزعل صديقه ولا يكلمه بعد ذلك .
الجواب : يعتبر صديقك الذي أخذ المال وكيلا لمن أعطاه إياه ، والوكيل أمين فلا يحل أن يأخذ شيئا من الثمن إلا بإذن الموكل ، فإذا سمح فلا بأس ، وإلا فيجب عليه أن يعيد له بقية المال " انتهى .
وعلى ذلك، فالخصومات والتخفيضات التي تحصل عليها: هي من حق العميل، الذي وكلك في ذلك، وائتمنك عليه. لا سيما وأن نصيبك أنت من هذا العمل ، سوف يتحدد بناء على النفقة الفعلية ، وعدم الصدق في التكلفة الفعلية ، يجلب لك الزيادة مرتين: مرة بما استفدته من فرق التكلفة ، ومرة بارتفاع التكلفة الفعلية ، التي يترتب عليها ارتفاع نسبتك .
هذا، مع التنبيه إلى أن نفس المبدأ في احتساب أجرة الإشراف على التشطيب، وهو أن تكون أجرة الإشراف جزءا من التكلفة ؛ هذه الطريقة في احتساب الأجرة غير جائزة، كما بيناه بتفصيل في جواب السؤال رقم (296338).
وأما كيفية رد المال إلى صاحبه : فبإمكانك ، كما أخذته من غير أن يشعر ، أن ترده إليه من غير أن يشعر ، فتدخل المال الذي استفدته في أي نفقة يحتاجها العقار الذي تعمل فيه من غير أن تحتسبها ، أو تخفضها من نسبتك أنت ، أو بأي طريقة تتمكن بها من رد الحق إلى صاحبه ، ولن تعجز عن ذلك إن شاء الله ، متى صدقت نيتك .
والله أعلم .