الحمد لله.
أولا :
مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تأخذ وقتا كثيرا من حياة الناس ، والإبحار فيها يلهي
الإنسان ، ويؤدي به في الغالب إلى الغفلة وربما إلى تضييع الفرائض وصلوات الجماعة ؛
فلهذا كان الاجتهاد في تذكير الناس وتنبيههم من غفلتهم ، في مثل هذه الوسائل : من
فضائل الأعمال .
ومن المعلوم من دين الإسلام أن على المسلم ألا يقدم على أي عمل من الأعمال الشرعية
إلا بإخلاص ، واتباع للسنة ، وعدم الابتداع .
وهذه الصور والتصمايم التي تحث على ذكر الله تعالى
وعدم الغفلة ، يمكن توزيعها على نوعين بالنظر لمحتوياتها ومقصد أصحابها :
النوع الأول :
وهي التصاميم التي تنبه المسلم إلى ذكر الله تعالى وتحذره من الغفلة على وجه العموم
، أو تنبه إلى ذكر مشروع يغفل عنه الناس ، وغالبا ما تستدل بآية أو حديث ، أو
تستأنس بقول من أقوال أهل العلم .
فمثل هذه التصاميم لا شك في مشروعيتها ، وهي صورة من صور الدعوة إلى الله تعالى ،
والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ووضوح مشروعيتها هو على درجة يغني عن سرد
الأدلة .
النوع الثاني :
وهي تصاميم تحتوي على مخالفات للسنة الثابتة ، ويمكن حصرها في الصور الآتية :
الصورة الأولى :
التصاميم التي تجعل للذكر قيودا أو فضائل أو اعتبارات خاصة لم يرد بها النص الشرعي
، وإنما هي من وضع كاتبها ، مثل ما أشرت إليه في سؤالك أن أحدهم يقول : " اكتب ما
يحمله شهر ميلادك لنأخذ بعض الحسنات ، فكل رقم شهر بجانبه ذكر ، فلو أني ولدت شهر ٥
مثلاً فإني اكتب لا إله إلا الله في التعليقات " وما شابه هذا .
فمثل هذا ، يدخل في تعريف البدعة المذمومة شرعا .
وذكر الله تعالى هو عبادة ، فيجب التقيد بالأوصاف الشرعية للذكر والتي أرشد إليها
القرآن والسنة .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف
والاتباع ، لا على الهوى والابتداع " انتهى من " مجموع الفتاوى " (22 / 510 – 511)
.
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (226211)
.
وبعض هذه التصاميم تحتوي على التحريج والإقسام على من يراها أن يذكر الله تعالى أو
يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة معينة أو عدد معين ونحو هذا ، أو الدعاء
على من لم يفعل هذا ، فهذا لا شك أنه ليس من الهدي الشرعي :
1- لأن فيها إلزاما للناس بعبادة ما في وقت معين مع أن الشرع لم يلزم بها ، ولا شك
أن هذا ابتداع في الدين وليس من الهدي النبوي .
2- الله سبحانه وتعالى أمر المسلم بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة ؛ حيث قال تعالى
:
( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) النحل
/125.
وهذه التصاميم ليست من الحكمة في شيء بل هي تؤدي إلى عكس المقصود منها ، فإنها
بكثرتها قد يستثقلها المتصفح ويتجنب مطالعتها حتى لا يلزم نفسه بتكرار ما فيها ،
وقد تُولّد في كثير من المتصفحين النفرة من الإرشادات الشرعية التي ينشرها الدعاة
إلى الله تعالى .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (11938)
، ورقم (88102)
، ورقم : (72382)
.
ثانيا :
من يرى تلك المخالفات ويكون قادرا على نصح أصحابها وتوجيههم إلى الصفة الشرعية
للأذكار ، فعليه القيام بذلك ؛ لأن على المسلم أن ينصح إخوانه المسلمين ويرشدهم إلى
ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، إذا كان قادرا على النصيحة والإرشاد .
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ: ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) ، قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : ( لِلَّهِ
وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) " رواه
مسلم (55) .
وعن جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلاَمِ ، فَشَرَطَ عَلَيَّ :
وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ، فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا " رواه البخاري (58) ،
ومسلم (56) .
لكن النصيحة لها آداب ، ينبغي للناصح أن يتحلى بها راجع الفتوى رقم : (225160)
.
ولا يظهر أنه يلزمه أن ينبه على ذلك ، كلما رآه ، لكن لو كتب تنبيها عاما ، أو وضع رابطا فيه بيان حكم ذلك ، في مكان يغلب على الظن أن يرتاده أصحاب هذه الصفحات ، أو يغلب على الظن أن يبلغهم العلم به : فنرجو أن يكون ذلك كافيا ، وألا يكون عليه شيء بعد ذلك .
وراجع للأهمية الفتوى رقم : (96662) وخاصة النقطة الخامسة .
والله أعلم .