الحمد لله.
نشكر لكم حرصكم على الخير ، ونسأل الله أن يزيدكم حرصاً وهدى .
وأما ما ذكرته من افتتاح بعض المنتديات بقولهم : سجل حضورك اليومي بذكر اسم الله وما شابه ذلك ، فالأولى بهم أن يقتصروا على مجرد التذكير بذكر اسم الله ، لكون البداءة بذكر اسم الله سنة جارية عند أهل العلم في افتتاحهم لكتاباتهم ، وأمورهم ، وأما ما سوى ذلك من ربط تسجيل الحضور بذكر الله أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فالأولى البعد عن ذلك لأن فيه نوعاً من التحديد ، وربط الذكر بسبب معين ، وهذا قد يكون فيه نوع ابتداع يخشى أن يجر إلى ما هو أكبر منه ، والسلف رحمهم الله كانوا يحذرون من صغار البدع لأنها تجر في الغالب إلى كبارها ، كما في سنن الدارمي عن عمرو بن سلمة : أن أبا موسى جاء إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال : يا أبا عبد الرحمن ، إني رأيت في المسجد آنفًا أمرًا أنكرته ، ولم أر - والحمد لله - إلا خيرًا . قال : فما هو ؟ فقال : إن عشت فستراه . قال : رأيت في المسجد قومًا حِلَقًا جلوسًا ينتظرون الصلاة ، في كل حلقة رجل ، وفي أيديهم حَصَى ، فيقول : كبروا مائة ، فيكبرون مائة ، فيقول : هللوا مائة ، فيهللون مائة ، ويقول : سبحوا مائة ، فيسبحون مائة .
قال : فماذا قلت لهم ؟ قال : ما قلت لهم شيئًا انتظار رأيك ، وانتظار أمرك .
قال : أفلا أمرتهم أن يعدوا سيئاتهم ، وضمنت لهم أن لا يضيع من حسناتهم شيء ؟
ثم مضى ومضينا معه ، حتى أتى حلقة من تلك الحلق ، فوقف عليهم ، فقال : ما هذا الذي أراكم تصنعون ؟ قالوا : يا أبا عبد الرحمن ، حَصَى نعد به التكبير والتهليل والتسبيح .
قال : فعدّوا سيئاتكم ، فأنا ضامن أن لا يضيع من حسناتكم شيء . ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم ! هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون ، وهذه ثيابه لم تبل ، وآنيته لم تكسر ، والذي نفسي بيده ، إنكم لعلى ملَّة أهدى من ملَّة محمد ، أو مفتتحو باب ضلالة . قالوا : والله يا أبا عبد الرحمن ، ما أردنا إلا الخير . قال : وكم من مريد للخير لن يصيبه . إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حدثنا أن قومًا يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم.
وايم الله ما أدري ، لعل أكثرهم منكم ، ثم تولى عنهم . فقال عمرو بن سلمة : رأينا عامة أولئك الحلق يطاعنونا يوم النهروان مع الخوارج .قال الألباني : إسناده صحيح ، كما في "إصلاح المساجد" (ص 11) .
فلو أنكم في كل يوم ذكرتم فضل أحد الأذكار الشرعية من الكتاب أو السنة ، أو ذكَّرته باستصحاب الذكر والتسبيح ونحو ذلك ، لكان ذلك أحسن في دلالة الناس على الخير وإرشادهم إليه ، لأنهم إذا علموا فضل التسبيح أو التحميد أو التهليل أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، لداوموا عليه ، ولا يكون ذلك مختصاً بتسجيل الدخول فقط ، فيحصل المقصود وهو حث الناس على الأذكار الشرعية ، وسلمتم من شبهة الابتداع .
وأما ما ذكر في بعض المنتديات أن هذا من الذكر الجماعي ، أو من اتخاذ آيات الله هزوا ، فهذا فيه مبالغة شديدة ومخالفة في الواقع ، وليس هذا من الذكر الجماعي في شيء ، بل غاية ما فيه أن يكون من تحديد الذكر بسبب معين لم يحدده الشارع ، فكان اجتنابه أولى .
والله تعالى أعلم بالصواب .
تعليق