الحمد لله.
وقد سبق في جواب السؤال رقم
: (180521) ، ورقم : (219023)
، أن من أمنت عليه شركته هذا التأمين ، فلا حرج عليه أن ينتفع بالمال الذي يدفع
إليه عند التقاعد ، ولا حرج على ورثته في أخذ ما يأتيهم من هذا التأمين؛ لأنه مال
رغب عنه أصحابه ، وبذلوه برضاهم ، فلا مانع من أخذه ، وهو مال محرم على كاسبه ( أي
شركة التأمين ) دون من انتقل إليه بوجه مباح؛ ولأن هذا المبلغ يعتبر مكافأة أو
تعويضا للموظف ولورثته من الشركة التي يعمل بها ، وقامت شركة التأمين بتحمل هذا
المبلغ عن الشركة مقابل الاتفاق الذي تم بينهما.
ثانيا:
تصح الوصية بالمجهول والمعدوم ، كأن يوصي بما يحمل حيوانه ، أو بما سيحصل عليه من
تأمين ونحوه.
قال في " الروض المربع مع الحاشية " (6/ 65): " وتصح بالمعدوم كـوصية بما يحمل
حيوانه وأَمته... وتصح بمجهول كعبد وشاة ، لأَنها إذا صحت بالمعدوم ، فالمجهول
أَولي" انتهى.
ثالثا:
الوصية تقيد بالثلث ، والمراد: ثلث التركة، فإن كانت الوصية لا تخرج عن ثلث التركة
، لزمت. فإن زادت عن الثلث ، فلا تنفذ في الزائد إلا بإجازة الورثة.
وينظر: سؤال رقم : (174421) .
رابعا:
الظاهر أن صديقك إنما أوصى بذلك لظنه حرمة أخذ هذا المال، فلم يرد إدخاله على ورثته.
وهنا يقال: إن الراجح جواز تغيير الوصية لما هو أفضل وأنفع.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "تغيير الوصية لما هو أفضل فيه خلاف بين أهل
العلم : فمنهم من قال : إنه لا يجوز ؛ لعموم قوله تعالى : ( فمن بدله بعد ما سمعه )
البقرة/ 181 ، ولم يستثن إلا ما وقع في إثم ، فيبقى الأمر على ما هو عليه لا يغير .
ومنهم من قال : بل يجوز تغييرها إلى ما هو أفضل ؛ لأن الغرض من الوصية التقرب إلى
الله عز وجل ، ونفع الموصى له ، فكل ما كان أقرب إلى الله ، وأنفع للموصى له ، كان
أولى أيضاً ، والموصي بشر قد يخفى عليه ما هو الأفضل ، وقد يكون الأفضل في وقت ما
غير الأفضل في وقت آخر ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز تحويل النذر إلى ما هو
أفضل مع وجوب الوفاء به ...
والذي أرى في هذه المسألة :
أنه إذا كانت الوصية لمعين ، فإنه لا يجوز تغييرها ، كما لو كانت الوصية لزيد فقط ،
أو وقف وقفاً على زيد ، فإنه لا يجوز أن تُغير، لتعلق حق الغير المعين بها.
أما إذا كانت لغير معين - كما لو كانت لمساجد ، أو لفقراء - فلا حرج أن يصرفها لما
هو أفضل " انتهى من "تفسير القرآن للعثيمين" (4 / 256) .
وعليه :
فإذا كان الورثة بحاجة لهذا المال، جاز تعديل الوصية، والإذن للشركة في إعطائه
للورثة.
وأن أمضوا وصيته للجهات الخيرية ، فإن ذلك يتقيد بثلث تركته، فإن زاد هذا المال عن
ثلث التركة ، فللورثة الخيار في الزائد : إن شاءوا أجازوه، وإن شاءوا منعوا، فكان
من جملة التركة.
والله أعلم.