هل يجوز للمعتدة من طلاق البائن بينونة صغرى المبيت خارج منزل أهلها إذا تطلب عملها ذلك لحضور مؤتمر مثلا في منطقة أخرى ، في نفس البلد ، لا أنها تطلب المبيت خارج المنزل ؟
الحمد لله.
أولا :
إذا طلقها ثلاث طلقات فهي البينونة الكبرى ، ولا تحل له إلا أن تنكح زوجا آخر .
وأما إذا طلقها الطلقة الأولى ، أو الثانية ، وتركها حتى انقضت عدتها ، ولم يراجعها : فهي البينونة الصغرى .
ومثل ذلك : إذا طلقها على عوض - خالعها - : فإنها تبين منه بمجرد مفارقتها ، ولو لم تنقض عدتها .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (12/468) :
" البينونة : بمعنى الانفصال، والطلاق البائن على نوعين:
بائنٌ بينونة كبرى، وهو الطلاق الثلاث .
وبائنٌ بينونة صغرى وهو الطلاق على عوض .
فإذا كان الرجل قد طلق زوجته مرتين سابقتين، ثم طلقها الثالثة، نقول: هذا الطلاق بائنٌ بينونة كبرى، يعني ما تحل له إلا بعد زوج .
وإذا طلقها على عوض صار بائناً بينونة صغرى، فما معنى بائن إذاً؟ معناه أنه لا يحل له أن يراجعها ولو راجعها؛ ... إلخ
وقال أيضا ، كما في "الشرح الممتع" (12/130) :
" والبائنة بينونة صغرى هي التي خالعها زوجها، وسميت صغرى؛ لأنه يجوز للزوج المخالع أن يتزوجها في العدة وبعدها، أما البينونة الكبرى فهي البائن بالطلاق الثلاث، وعلى هذا فالمعتدات ثلاثة أنواع:
الأول: رجعية، وهي المعتدة التي يمكن أن يراجعها بدون عقد.
الثاني: بائن بينونة صغرى، وهي التي له أن يتزوجها بعقد بدون مراجعة، يعني لا يملك المراجعة، لكن يملك أن يعقد عليها، فكل معتدة لا تحل إلا بعقد، فبينونتها صغرى.
الثالث: بائن بينونة كبرى، وهي التي طلقها آخر ثلاث تطليقات فلا تحل إلا بعد زوج، بالشروط المعروفة." انتهى .
ثانيا :
إذا كانت المرأة قد انتهت عدتها من الطلاق الرجعي : فلا ولاية لمطلِّقها عليها ، ولها أن تخرج أو تبيت حيث شاءت .
وإن كانت لا تزال في العدة ، فالمعتدة الرجعية يجوز لها الخروج من بيتها ، وليست ممنوعة من ذلك كالمتوفى عنها زوجها ، لكن لا تخرج من بيتها إلا أن يأذن لها زوجها ؛ لأنها لا تزال في عصمته ، لها ما للزوجات من النفقة والسكنى والمبيت وغير ذلك ، وعليها ما على الزوجات .
وكذلك كان يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما : ( إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطليقتين لم تخرج من بيتها إلا بإذنه ) رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه " (4/142) .
قال الشيخ "ابن عثيمين" رحمه الله : القول الراجح أن المرأة المطلقة إذا كان الطلاق رجعياً ، فهي كالزوجة التي لم تطلق ، أي أن لها أن تخرج إلى جيرانها أو أقاربها ، أو إلى المسجد لسماع المواعظ أو ما أشبه ذلك ، وليست كالتي مات عنها زوجها .
وأما قوله تعالى : ( لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ ) ، فالمراد بالإخراج المفارقة ؛ يعني لا تفارق البيت وتخرج وتسكن في بيت آخر.." انتهى من فتاوى "نور على الدرب"
وينظر جواب السؤال (136998) .
ثالثا :
أما حضور مؤتمر في منطقة أخرى في نفس البلد : فإن كان المراد أن المرأة ستسافر عن مكان إقامتها : فلا يحل لها ذلك إلا أن بصحبة أحد محارمها .
روى البخاري (3006) ومسلم (1341) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: لاَ يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ، وَلاَ تُسَافِرَنَّ امْرَأَةٌ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ .
فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اكْتُتِبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا، وَخَرَجَتِ امْرَأَتِي حَاجَّةً، قَالَ: اذْهَبْ فَحُجَّ مَعَ امْرَأَتِكَ .
وينظر جواب السؤال رقم (101520) ورقم (82392) .
والله أعلم .