الحمد لله.
أولا:
الطلاق المعلق نوعان:
الأول: الطلاق المعلق على أجل ، أو صفة ، أو شرط محض- أي لا يراد منه الحث والمنع- كقول الرجل: إذا دخل رمضان فأنت طالق، أو إن ولدت فأنت طالق، أو إن خرجت فأنت طالق -يريد تعليقه على خروجها-: فهذا الطلاق مجمع على وقوعه، خلافا لابن حزم.
وهو خلاف شاذ؛ لأن ابن حزم نفسه حكى الإجماع على وقوعه.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: " والثالث " صيغة تعليق " كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق. ويسمى هذا طلاقا بصفة.
فهذا إما أن يكون قصد صاحبه الحلف ، وهو يَكره وقوع الطلاق إذا وجدت الصفة.
وإما أن يكون قصده إيقاع الطلاق عند تحقق الصفة ...
والثاني: " وهو أن يكون قصد إيقاع الطلاق عند الصفة : فهذا يقع به الطلاق ، إذا وجدت الصفة ، كما يقع المنجز ؛ عند عامة السلف والخلف.
وكذلك إذا وقّت الطلاق بوقت؛ كقوله: أنت طالق عند رأس الشهر.
وقد ذكر غير واحد الإجماع على وقوع هذا الطلاق المعلق ، ولم نعلم فيه خلافا قديما .
لكن ابن حزم زعم أنه لا يقع به الطلاق ، وهو قول الإمامية .
مع أن ابن حزم ذكر في " كتاب الإجماع " إجماع العلماء على أنه يقع به الطلاق، وذكر أن الخلاف إنما هو فيما إذا أخرجه مخرج اليمين: هل يقع الطلاق؟ أو لا يقع ولا شيء عليه؟ أو يكون يمينا مكفرة؟ على ثلاثة أقوال" انتهى من مجموع الفتاوى (33/ 46).
وهذا نص كلام ابن حزم في مراتب الإجماع:
قال رحمه الله: " وَاتَّفَقُوا أَن الطَّلَاق إلى أجل أَو بِصفة : وَاقع ، إن وَافق وَقت طَلَاق.
ثمَّ اخْتلفُوا فِي وَقت وُقُوعه، فَمن قَائِل: الآن، وَمن قَائِل هُوَ إلى أَجله.
وَاتَّفَقُوا أَنه إذا كَانَ ذَلِك الْأَجَل فِي وَقت طَلَاق : أن الطَّلَاق قد وَقع.
وَاخْتلفُوا فِي الطَّلَاق إذا خرج مخرج الْيَمين : أيلزم أم لَا " انتهى من مراتب الإجماع، ص 72
ونقله ابن القطان ، بنصه في "الإقناع في مسائل الإجماع" (2/ 34) .
ثانيا:
وأما النوع الثاني من الطلاق المعلق: فهو المعلق على شرط ، يراد منه الحث على فعل شيء ، أو المنع من فعله، فهذا له حكم اليمين، وفيه خلاف. وانظر: السؤال رقم (215136).
وبه يعلم أنه لا يصح القول بأن الطلاق المعلق لا يقع مطلقا.
والله أعلم.