السؤا ل: عملنا يتعلّق بتربية الماشية/الجاموس. نحن معتادين على شراء الحيوانات ونعطيهم إلى المزارعٍ لتربيتها على اتفاقٍ متبادلٍ والذي هو: 1) يتحمل المزارع جميع مصاريف تربية الحيوان ما عدا سعر الشراء الأوليّ. 2) قيمة البيع (عادةً بعد بلوغ الحيوان) تقسّم بالتساوي بيننا وبين المزارع. 3) إذا اشتريت حيواناً أكبر فمن ثمّ اعتدت على أخذ سعر الشراء من إجمالي سعر البيع وباقي المال يقسّم بالتساوي بيننا(المزارع وأنا). 4) في حالة إذا مات الحيوان أثناء التربية، فإنّ سعر شراءالحيوان و سعر شراء العلف يسقط عنّي وعن المزارع. وليس هناك عقوبةٌ على أيّ واحد. هل هذا صحيحُ وفقاً للشريعة الإسلامية؟ أيضاً، دعونا نقول أنّه لدينا 60، 70 مثل هذه الحيوانات(الجاموس والأبقار على الشراكة) هل يجب أن ندفع الزكاة عليهم وكم؟ ما يقرب من 90 في المئة من الحيوانات لا ترعى من المراعي بدلاً من ذلك يتمّ شراء العلف. تحولت الأعمال لي بعد وفاة أبي قبل بضعة أشهر. في السابق كنت أدفع الزكاة بكل (شهر) محرّم لكن لم أدفع الزكاة على الحيوانات ظنّاً منّي أنّه يجب أولاً أن أقسم الميراث بين الأشقاء ثم يعود إليهم دفع الزكاة أو لا. في الوقت نفسه أحاول أن أنمّي الحيوانات والمال الذي تركه والدي. يرجى التوجيه بشأن قضية الميراث أيضا.
الحمد لله.
أولا:
يصح دفع البهائم لمن يقوم على تربيتها مقابل جزء منها كالربع أو النصف.
قال في منار السبيل (1/ 407): " (ويصح دفع دابة أو نحل أو نحوهما لمن يقوم بهما مدة معلومة بجزء منهما) معلوماً. قال البخاري في صحيحه، وقال معمر: لا بأس أن تكون الماشية على الثلث أو الربع إلى أجل مسمى.
(والنماء ملك لهما) أي: للدافع والمدفوع إليه على حسب ملكيهما، لأنه نماؤه.
(لا إن كان بجزء من النماء كالدر والنسل والصوف والعسل) فلا يصح لحصول نمائه بغير عمل. (وللعامل أجرة مثله) لأنه بذل منافعه بعوض لم يسلم له.
وعنه: يصح. اختاره الشيخ تقي الدين" انتهى.
فإذا كان الاتفاق على أن المزارِع يقوم بالتربية والرعاية، ويكون له نصف البهائم أو نصف ثمنها إذا بيعت، فهذا جائز على مذهب الإمام أحمد.
أما إن كان الاتفاق على أن المزارع له نصف النتاج (الأولاد) ولا يشارك في الأصول، فهذا ممنوع على المذهب، لأن رزق الولد ليس من عمل المزارع.
والأظهر جواز ذلك ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، واختارها الشيخ تقي الدين ابن تيمية رحمه الله ، وعليه عمل الناس .
وما ذكر من أن صاحب "الماشية" يسترد رأس ماله ـ الذي هو ثمن الماشية الأصلي ـ ثم يقتسم ، مع المزارع ، الربح الحاصل من نماء الماشية ، بزيادة ثمنها ، وقيمتها ، ونتاجها : لا حرج فيه ، وهذا هو الشأن في المضاربة، أن يعود الأصل لربه، وتقتسم الزيادة ، وهذه الصورة من الاستثمار في البهائم : هي نوع من المضاربة ، أو شبيهة بها .
فتحصل من هذا أن هناك ثلاث طرق جائزة في هذه الشركة:
1-أن تتفقا على أن له نصف البهائم التي ينميها. وهذا جائز عند الحنابلة.
2- أن تتفقا على أن له نصف النتاج فقط، وتكون الأصول لك. وهذه جائزة في رواية عن أحمد، واختارها شيخ الإسلام ، على ما قدمناه .
3-أن تشتركا في النماء المتصل والمنفصل، فتشتركان فيما زاد على ثمن الحيوان، وتشتركان في نتاجه، وهذه جائزة عند شيخ الإسلام.
ثانيا:
إذا مات الحيوان بلا تعد أو تفريط من المزارع، فلا شيء عليه، وتخسر أنت ثمن شرائه، ويخسر هو جهده وعمله وما دفعه لعلفه.
وأما إن مات بتعدٍ منه أو تفريط، كما لو ضربه ضربا شديدا فمات، فإنه يضمن قيمته يوم التلف.
ومن صور التعدي : أن يبيع المزارع ما في أمانته وتحت يده من الحيوان ، لغير مالكه الذي دفعه إليه ، يضارب به المزارعُ ، على أنه ملك له ، وصاحبه الأول لا يعلم بذلك ؛ فلا شك أن هذا عدوان ظاهر ، وغصب ، وأكل للمال بالباطل ، ومتى هلك عنده ، وقد باعه لغيره ، أو ضارب به : ضمنه ؛ لأن يده صارت يد عدوان وغصب ، لا يد أمانة .
ثالثاً:
إذا كانت البهائم لا ترعى الكلأ المباح أكثر الحول، وإنما تعلف، فإنها لا تزكى زكاة بهيمة الأنعام عند جمهور الفقهاء؛ لاشتراط السوم وهو رعي المباح.
وينظر: جواب السؤال رقم (49041)، ورقم (40156).
وإنما تجب هنا زكاة التجارة فيما اشتريته بنية التجارة، وبلغت قيمته نصابا بنفسه أو بما انضم إليه من مالك، وحال عليه الحول.
فتنظر إلى نصيبك، -حسب صورة الاتفاق بينكما- فتقوّمه عند حولان الحول، وتخرج زكاته، وهي ربع العشر من هذه القيمة.
وأما المزارع، فإنه لا يملك نصيبه من الماشية إلا عند نهاية الدورة ، أو عند البيع .
فما يأخذه من نقود، يزكيه زكاة النقود، فإن بلغ نصابا بنفسه أو بغيره، ثم حال عليه الحول من يوم قبضه له : زكاه.
رابعاً:
إذا رضي الورثة ببقاء المال دون قسمة، فإن الزكاة تحسب باعتبار مجموع ما تملكون من الماشية، وتخرجون الزكاة على ذلك، ولا تنظرون إلى نصيب كل وارث .
هذا هو الأحوط .
وبعض العلماء يرى أنه لا زكاة على من لم يبلغ نصيبه النصاب .
وينظر: جواب السؤال رقم (147855).
وإن طالب أحدهم بالقسمة، فله ذلك.
والله أعلم.