الحمد لله.
أولا:
تجوز المساهمة في الصندوق العقاري وفق البنود الستة المذكورة، ولا حرج في توزيع ربح شهري (تحت الحساب)، ثم تتم المخالصة في نهاية المدة.
جاء في "المعايير الشرعية" ص 225: " ويجوز تقسيم ما ظهر من ربح بين الطرفين تحت الحساب. ويُراجع ما دُفع مقدما تحت الحساب ،عند التنضيد الحقيقي أو الحكمي " انتهى.
ثانيا:
لا حرج فيما جاء في البند الثامن من أن المنسحب من الشركة يعطى ماله خلال مدة أقصاها 35 يوما.
ثالثا:
أما ما جاء في البند السابع من خصم شيء من مال من خرج من المساهمة قبل نهاية المدة، بقدر ما تسبب من خسائر، ففيه نظر.
1-فما المقصود بالخسائر؟ هل هو فقدان الربح الذي كان متوقعا؟ أم هي خسارة حقيقية، وما صورة ذلك؟
2-الشركة عقد جائز غير لازم، فيجوز للشريك فسخ العقد متى شاء بغير رضا الطرف الآخر.
ويجوز توقيت الشركة بمدة معينة عند الحنفية والحنابلة، وينظر: "الموسوعة الفقهية" (38/ 64).
ومن أجاز التوقيت في الشركة، منع من لزوم العقد، فتؤقت الشركة بمدة، لكن للشريك أن يفسخ، ولا يصح اشتراط لزوم الشركة، وعدم الفسخ، في المذاهب الأربعة، كما سبق بيانه في جواب السؤال رقم : (284292) .
وذهب بعض أهل العلم إلى لزوم العقد، وعدم الفسخ، إذا وقت العقد بمدة، وبهذا أخذ مجمع الفقه الإسلامي، والمعايير الشرعية.
جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن المضاربة:
" ب ـ لزوم المضاربة إلى مدة معينة ، وتوقيت المضاربة :
الأصل أن المضاربة عقد غير لازم، ويحق لأي من الطرفين فسخه ، وهنالك حالتان لا يثبت فيهما حق الفسخ وهما:
( 1 ) إذا شرع المضارب في العمل، حيث تصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض الحقيقي أو الحكمي .
( 2 ) إذا تعهد رب المال، أو المضارب، بعدم الفسخ خلال مدة معينة ، فينبغي الوفاء ، لما في الإخلال من عرقلة مسيرة الاستثمار خلال تلك المدة .
ولا مانع شرعا من توقيت المضاربة باتفاق الطرفين ، بحيث تنتهي بانتهاء مدتها، دون اللجوء إلى طلب الفسخ من أحدهما ، ويقتصر أثر التوقيت على المنع من الدخول في عمليات جديدة بعد الوقت المحدد ، ولا يحول ذلك دون تصفية العمليات القائمة " انتهى من "قرارات وتوصيات مجمع الفقه" ص215، ترقيم الشاملة.
وجاء في "المعايير الشرعية" في معيار المضاربة ص219: "إذا اتفق الطرفان على تأقيت المضاربة، فلا يحق إنهاؤها قبل ذلك الوقت إلا باتفاق الطرفين" انتهى.
فعلى هذا القول: يصبح العقد لازما إلى نهاية المدة، ولا يحق الفسخ.
وقد سبق في جواب السؤال رقم : (284292) أنه على القول بصحة اشتراط اللزوم في الشركة، فإن الاعتياض عن قبول هذا الشرط، لم نقف على من قال به، ولا بنظيره. والظاهر تحريمه؛ لأنه ليس من الأسباب المشروعة التي يستحق بها المال، وهي:
1-العمل كالإجارة.
2-المال، كالبيع والحقوق التي لها قيمة مالية.
3-الضرر البدني، كالواجب في الجنايات.
وعليه :
فللشركة أن تمنع خروج أحد من المساهمين قبل نهاية المدة المتفق عليها، فإن سمحت بذلك فإنها تسمح مجانا، دون أخذ عوض، ودون حرمان للخارج من أخذ ربح ماله.
لكن إن ترتبت خسارة حقيقية على الخروج- إن تصوّر هذا- فلا يبعد القول بتحمل الخارج لهذه الخسارة؛ لأنها نتجت عن تصرفه، على القول بصحة اشتراط اللزوم في الشركة.
والأشبه في دعوى الضرر الناتج عن خروج أحد الشركاء، أن يحكم فيها أهل الخبرة، أو يرفع أمرها إلى الحاكم، ولا يترك لمجرد الدعوى؛ ويحكم بما فيه العدل والنصفة بين الخصمين.
فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ، لَادَّعَى نَاسٌ دِمَاءَ رِجَالٍ وَأَمْوَالَهُمْ، وَلَكِنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ .
رواه البخاري (4552) ، ومسلم (1711).
وهذا ما خلص إليه الشيخ دبيان الدبيان، وفقه الله، من بحث الخلاف في طلب رب المال بيع العين؛ فهل يجبر العامل على ذلك، أم لا؟ قال:
" أنه إذا اختلف رب المال والعامل بأن طلب أحدهما البيع وامتنع الآخر لغرض فإن لم يكن فيه ضرر على أحدهما أجبر الآخر على البيع، وإن كان في البيع ضرر على أحدهما فإنه ينظر لهما الحاكم، أو أهل المعرفة، ويلزمهما الأخذ بالأصلح لهما".
والله أعلم.