الحمد لله.
أولًا :
ينبغي على السائل أن ينظر في تفسير الآيات التي سيتلوها في الصلاة خارج الصلاة أولًا ، أي : قبل الإقبال على الصلاة ؛ ليفرغ نفسه للإقبال على التلاوة ، والتفكر في المعاني .
قال "ابن كثير" : " وقوله تعالى: وقوموا لله قانتين أي: خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه، وهذا الأمر مستلزم ترك الكلام في الصلاة، لمنافاته إياها؛ ولهذا لما امتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الرد على ابن مسعود حين سلم عليه، وهو في الصلاة، اعتذر إليه بذلك، وقال : ( إن في الصلاة لشغلا ) "، انتهى من "التفسير" (1/ 654).
والحديث أخرجه البخاري (1216) .
ثانيًا :
نص الفقهاء أن القراءة في الكتب حال الصلاة "مكروه" ، وذكر بعضهم أنه لا بأس بها بشرطين :
1- أن يكون اطلاعه على التفسير مجرد نظر، لا قراءة فيه باللسان .
2- ألا يستدعي اطلاعه حركة كثيرة ، كأخذ الكتاب وفتح وتقليب الصفحات ؛ لأن الحركة الكثيرة تبطل الصلاة .
قال الإمام النووي، رحمه الله : " لو قرأ القرآن من المصحف لم تبطل صلاته، سواء كان يحفظه أم لا؛ بل يجب عليه ذلك إذا لم يحفظ الفاتحة، كما سبق. ولو قلب أوراقه أحيانا في صلاته لم تبطل.
ولو نظر في مكتوب غير القرآن ، وردد ما فيه في نفسه : لم تبطل صلاته ؛ وإن طال. لكن يكره. نص عليه الشافعيٌ". انتهى من "المجموع" (4/ 95). وينظر: "روضة الطالبين" (1/ 294).
وقال المرداوي في "الإنصاف" : " لا تَبْطُلُ الصَّلاة بإطَالَةِ النَّظْرِ في كتابٍ ، إذا قَرَأَ بقلْبِه ولم يَنْطِق بلِسانِه. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قدَّمه في الفُروعِ وغيرِه. قال المُصَنِّفُ وغيرُه: هذا المذهبُ. وقد رُوِيَ عنِ الإِمامِ أحمدَ أنَّه فعَلَه.
وقيل: تَبْطُلُ. قالَه جماعةٌ مِنَ الأصحابِ؛ منهم ابنُ حامِدٍ. وأطْلَقَهما ابنُ تَميمٍ "، انتهى (3/ 616).
والحاصل:
أن الصلاة لا تبطل بالنظر في مصحف، فيه تفسير للقرآن، أو نحو ذلك، بشرط ألا يقرأ شيئا بلسانه، سوى القرآن، بل إن نظر في المعنى، ومر على قلبه: فلا بأس به، إن احتاج إليه.
مع أن الذي ينبغي أن يصرف بصره عن ذلك كله، ومتى كان مأموما، اكتفى بالإنصات إلى أمامه، ومتابعته في قراءته، وإن كان إماما أو منفردا، قرأ لنفسه ما تيسر له، ولا ينبغي له أن ينشغل بشيء سوى قراءة القرآن، وأعمال الصلاة؛ فإن في الصلاة لشغلا عما سواها، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم.
وينظر: جواب السؤال رقم: (9505)، ورقم: (125619).
والله أعلم