الحمد لله.
أولًا:
روى الإمام أحمد (17970) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ، ورواه أبو داود: (4012)، والنسائي: (406).
قال "البيهقي": "قلت: وقوله ستِّير ، يعني أنه ساتر يستر على عباده كثيرًا ولا يفضحهم في المشاهد، كذلك يحب من عباده الستر على أنفسهم ، واجتناب ما يشينهم، والله أعلم"، "الأسماء والصفات" (1/ 224).
ثانيًا:
اختلف العلماء في ضبط (ستير) على أقوال:
الأول: فذهب الأكثر إلى أنه بوزن رَحِيم، أي: بسين مفتوحة، وتاء مكسورة، وكذلك ضبطه "ابن الأثير" قال: "فِيهِ إِنَّ اللَّهَ حيِىٌّ سَتِيرٌ يُحِبُّ الحَياء والسَّتْرَ سَتِيرٌ: فَعِيل بِمَعْنَى فَاعِل: أَيْ مِنْ شَأنه وإرادتَهِ حُبُّ السَّتر والصَّون"، "النهاية في غريب الحديث والأثر" (2/ 341).
وكذلك ضبطه "السيوطي": "حَيِيٌّ سَتِيرٌ بِوَزْنِ رَحِيمٍ""، "حاشية السيوطي على سنن النسائي" (1/ 200).
وقال "الشوكاني": "قَوْلُهُ: (سَتِيرٌ) بِسِينٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقٍ مَكْسُورَةٍ وَيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ رَاءٍ مُهْمَلَةٍ. قَالَ فِي النِّهَايَة: فَعِيلَ بِمَعْنَى فَاعِل"، انتهى.
"نيل الأوطار" (1/ 316).
وكذلك ضبطه "الأثيوبي" في شرح "سنن النسائي"، بالتخفيف، وذكر أن أهل اللغة لم يثبتوا التشديد، يقول: "(ستير) - بفتح السين وكسر التاء - فعيل بمعنى فاعل، هكذا ضبطه في "اللسان"، وقال السيوطي في شرحه لهذا الكتاب: سَتير بوزن رحيم، قال في النهاية: فَعيل بمعنى فاعل، أي من شأنه حب الستر والصيانة.
وفي المختار: وسَتيِر، أي عفيف، والمرأة سَتيرَة. اهـ. ومثله في القاموس، وفي التاج ضبطه كأَمِير.
قال الجامع: وضبطه بعضهم كسِجِّين -بكسر فتشديد- ولا أعلم صحته، لأن أهل اللغة ما أثبتوه فتبصر".
"ذخيرة العقبى في شرح المجتبى" (5/ 517 - 518).
الثاني: أنه على وزن صدِّيق، أي: بسين مكسورة، وتاء مشددة، وكذا ضبطه "المناوي" قال في شرح الاسم: (سِتِّير) "بِالْكَسْرِ وَالتَّشْدِيد، تَارِك لحب القبائح سَاتِر للعيوب والفضائح"، انتهى.
"التيسير بشرح الجامع الصغير" (1/ 251).
وأجاز بعض العلماء فيه الوجهين، قال "الفتني الهندي": «"وهو كسكِّيت بكسر وتشديد، ويجوز فتحه والتخفيف"، انتهى.
"مجمع بحار الأنوار" (3/ 31).
ونقل الأوجه في "عون المعبود" (11/ 34).
وقال "الدهلوي": "بالتشديد، وصحح أيضًا بفتح السين والتخفيف (فعيل) بمعنى (فاعل)، أي: لا يفضح عباده ويستر قبائحهم، فلابد للعباد أن يتخلقوا مهما أمكن بالحياء والستر، فافهم"، انتهى.
"لمعات التنقيح في شرح مشكاة المصابيح" (2/ 179).
ومما ينبغي التنبيه عليه هنا:
أن هذه الصيغة قد يوصف بها العبد، فيمدح بكثرة سِتره، وتستره، فيقال: هو "سِتِّير" أو "سَتير"؛ وقد ثبت ذلك في وصف موسى عليه السلام؛ أنه كان : ( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لاَ يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ ) رواه البخاري (3404) ومسلم (339) وهذا لفظ البخاري.
وقد ضبط في الحديث بالوجهين. انظر: "فتح الباري" (6/436)، "إرشاد الساري" (5/384).
غير أن الشأن في الخبر عن الله بهذا ، أو إطلاق ذلك "اسما" على الله تعالى يختلف، فإنه يقال هنا: قد سبق بيان أن المعروف في اللغة وكتبها ضبط هذا الاسم بالفتح والتخفيف، وهذا هو الشائع المعروف في أوزان أسماء الله تعالى وصفاته؛ أن تأتي على باب (فَعِيل)؛ مثل : رحيم، وقدير، وكريم، وعزيز ... ونحو ذلك كثير؛ وإجراء هذا الوصف على المعهود المعروف في أوزان أسماء الله تعالى: آكد، وأولى، من إجرائه على باب لا يعلم له نظير في أسماء الله الحسنى، ويقل مثله في أوزان المدح وصيغه في اللعة.
فالحاصل: أن أكثر العلماء على ما ضبطه بفتح السين، وكسر التاء، على وزن : رحيم، وقدير، ونحو ذلك. وهذا هو الراجح في ضبط الاسم.
قال الشيخ "البراك": "الضَّبطُ الصَّحيح: سَتِيْر، ذكرَ بعضُ المحققين أنَّ اللَّفظَ الصَّحيحَ لغةً وروايةً: "سَتِيْر"، أنَّ هذا هو لفظُ.. هذا ضبطُ الكلمةِ"، انتهى، من موقعه.
https://sh-albarrak.com/article/16119
وانظر للتوسع في معنى هذا الاسم: (218083).
والله أعلم