أسلم حديثا ويخشى من إظهار الصلاة والصيام، فماذا يفعل؟

27-03-2023

السؤال 448407

أنا شخص كنت مسيحيا، وأسلمت في عمر ١٦، ولكن تواجهني عدة مشاكل، منها: أنني لا أستطيع أن أصلي؛ لأن أهلي شكو أمري قبل ذلك، ولا يوجد مكان يمكنني الاختباء فيه والصلاة، فماذا أفعل؟ وأثناء صيامي في رمضان لم أكن أستطيع صلاة كل الفروض، فهل صيامي صحيح؟ وسؤالي الأخير: في رمضان الماضي، صمت 15 يوما فقط، فماذا أفعل وقد بقي على رمضان 5 أيام، وعلي 15 يوما المفترض أن أقضيهم من صيام رمضان، فآمل إجابة أسئلتي.

الجواب

الحمد لله.

أولا:

قبل أن نجيب على تساؤلاتك: نهنئك على ما من الله عليك به من نعمة الإسلام وشرح صدرك له؛ فإن هذه نعمة أي نعمة، بل هي أعظم نعمة أنعم الله بها عليك منذ ولدتك أمك؛ فاحمد الله رب العالمين على ما هداك، كما هي حال أهل الجنة إذا دخلوها:

 وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ  الأعراف/42-43

وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (413613)، ورقم: (324751) والأجوبة التي أحلنا عليها هناك.

ثانيا:

وأما ما ذكرت من أمور عباداتك، صلاتك، وصيامك، وعجزك عن إظهار ذلك ، أو أدائه على الوجه المعتاد ، فنقول لك:

اعلم يا عبد الله أن من هذه الأمة، أتباع النبي محمد بن عبد الله، صلى الله عليه وسلم : أمة مرحومة، ومن رحمة الله تعالى بها، وتخفيفه عنها: أنه لم يكلف عباده المؤمنين به ما لا يطيقون، وما يوقعهم في حرج من أمرهم، لا يتحملونه. قال الله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ البقرة/286.

وفي "صحيح مسلم" (125) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ البقرة/284.

قَالَ: فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ، فَقَالُوا: أَيْ رَسُولَ اللهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ، الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ، وَقَدِ اُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا.

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ).

قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ، ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ.

فَأَنْزَلَ اللهُ فِي إِثْرِهَا: (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) البقرة/285.

فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللهُ تَعَالَى، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)، قَالَ: نَعَمْ .

(رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) قَالَ: نَعَمْ.

 (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ)، قَالَ: نَعَمْ.

(وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}، قَالَ: نَعَمْ).

وفي "صحيح مسلم" أيضا (126) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: (وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)البقرة/ 284.

قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَسَلَّمْنَا " قَالَ: فَأَلْقَى اللهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: (لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا) البقرة/286، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا)البقرة/286، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، (وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا) البقرة/ 286، قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ).

فتبين بهذه الآية الكريمة، وتفسيرها عن النبي صلى الله عليه وسلم: ما من الله به على عباده المؤمنين؛ فاستجاب دعاءهم، وقال لهم عليه: نعم؛ قد فعلتُ؛ فلم أحملكم ما لا طاقة لكم به، ولم أكلف نفسا من نفوس عبادي إلا ما يمكنها القيام به، ويسعها احتماله.

وعلى ذلك نقول لك يا عبد الله:

اعلم أن ما تعجز عن أدائه من تكاليف الإسلام، بعد ما دخلت فيه ، وانشرح صدرك له؛ اعلم أن ذلك كله في محل العفو من الله تعالى ، والتفضل عليك بعدم المؤاخذة.

لكن فقط، عليك أن تبذل ما في وسعك لأداء التكاليف الشرعية ، بحسب استطاعتك، من غير أن تعرض نفسك إلى بلاء لا تطيقه، ومن غير أن تثير شكوكهم حولك، أو تؤكدها لهم بأنك قد أسلمت، ومعلوم ما يمكن أن يترتب على ذلك من الفتن، والمحن التي لعلك لا تطيق احتمالها الآن.

فصل الصلاة في وقت لا ينتبه إليك فيه أحد، صل الفجر وهم نيام، وصل الظهر والعصر، إذا أمكنك، وأنت خارج المنزل، في مكان بعيد عن حيك، وهكذا المغرب والعشاء.

وإن لم تتمكن من أداء كل صلاة في وقتها : فصل الصبح في وقتها ، ثم صل الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء ، في وقت واحدة منهما، إن أمكنك ذلك.

فإن عجزت في يوم ما ، أو وقت ما ، ولم تتمكن من أداء ولو صلاتين مجموعتين، فصل الصلاة ما يمكنك صلاته في وقته، وما فاتك ، فاستدركه في آخر اليوم.

وهكذا فافعل دائما، استغل وقت غيابك عن أعينهم، سواء في حجرتك، أو مكان بعيد عن البيت، وصل الصلاة التي حان وقتها، وما يمكن أن تجمعها معها.

وهكذا الصيام، لا تصم بحيث تلفت انتباههم إليك، وإذا تمكنت من قضاء ما فاتك من صوم، فاقضه الآن، وما عجزت عنه ، فاقضه بعد رمضان، إن أمكنك، وإلا؛ فلست مكلفا أصلا بما لا تقدر عليه، وما يعرضك لبلاء لا تحتمله؛ فاصبر على تلك الحال، حتى يجعل الله لك فرجا ومخرجا.

وانظر للفائدة: جواب السؤال رقم: (220401)، ورقم:(413613).

والله أعلم.

عرض في موقع إسلام سؤال وجواب