أريد أن أشتري بقرة للأضحية، فهل يجوز لي أن أشترك مع الإخوة لشراء تلك البقرة نقدًا، على أن يكون موعد التسليم اليوم الأول من عيد الأضحى لهذه السنة؟
الحمد لله.
ذهب جمهور أهل العلم إلى جواز السلم في الحيوان، ومعنى ذلك أنكم لن تشتروا بقرة معينة عند صاحبها، بل تشترون بقرة بمواصفات معلومة لكم، متفق عليها، يمكن ضبطها، وتستلمونها بمواصفاتها في الوقت المتفق عليه.
فهذا البيع جائز، عند جمهور أهل العلم.
واستدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم (استسلف من رجل بكرا، فقدمت عليه إبل الصدقة، فأمر أن يقضى الرجل بكره، فقالوا : يا رسول الله ، لا نجد إلا خيارا رباعيا، قال: أعطوه ، فإن خير الناس أحسنهم قضاء رواه مسلم (1600) فهذا يدل على أن الحيوان مما يمكن ضبط صفاته في الجملة.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وظاهر المذهب، صحة السلم فيه. نص عليه، في رواية الأثرم. قال ابن المنذر: وممن روينا عنه أنه لا بأس بالسلم في الحيوان؛ ابن مسعود، وابن عباس، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، والحسن، والشعبي، ومجاهد، والزهري، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وأبو ثور. وحكاه الجوزجاني عن عطاء، والحكم. لأن أبا رافع قال: استسلف النبي -صلى الله عليه وسلم- من رجل بكرا. رواه مسلم" انتهى من "المغني" (6/ 388).
قال الشافعي رحمه الله: "يجوز؛ لأنه يصير معلوما ببيان الجنس والسن والنوع والصفة، والتفاوت بعد ذلك يسير؛ فأشبه الثياب" انظر : " الهداية في شرح بداية المبتدي" (3/ 71).
وأما حديث: " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً" رواه أبو داود (3356)؛ فمختلف في صحته، انظر: "نصب الراية" (4/ 48)، و "الهداية في تخريج أحاديث البداية" (7/ 195).
ومن يرى تصحيحه فمعناه: إذا كان كلاهما نسيئة.
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم: "نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئةً"، فمعنى الحيوان بالحيوان نسيئةً: إذا كان كلاهما نسيئةً، أما إذا كان هذا حاضرًا، وهذا مُؤجلًا فلا بأس، المقصود أنه يشتري حيوانًا بحيوانٍ نسيئةً، كلاهما مُؤجَّلٌ، أما إذا باع الشاةَ بحيوانين، أو باع البقرة بحيوانين، وواحد منها حاضر، وواحد مؤجل؛ فهذا هو محل الإذن، أما إذا كان كلاها نسيئةً: كأن أبيعك شاةً صفتها كذا بشاةٍ صفتها كذا، أو بقرةً صفتها كذا ببقرةٍ صفتها كذا، أو بعيرًا صفته كذا ببعيرٍ صفته كذا، يعني: كله دَيْنٌ، يدخل في قوله: "بيع الكالئ بالكالِئ" في الحديث الأخير، يعني: الدَّيْنَ بالدين.، ويدل عليه حديثُ ابن عمرو الأخير: أنه أمره بتجهيز جيشٍ، وكان يشتري البعير بالبعيرين إلى إبل الصَّدقة" انتهى بتصرف يسير "موقع الشيخ".
وينظر جواب السؤال (456367)
ثانياً:
اشتراك اثنين فأكثر في السلم لا بأس به، وتكون ذمتهم واحدة أمام المُسلَم إليه، بمعنى أن لهم جميعا عنده تلك البقرة التي اتفقوا على أوصافها، ثم يقتسمونها حسب اتفاقهم؛ لأنّ السلم نوع من البيوع.
ويجوز اشتراك الجماعة في شراء شيء من شخص واحد حالّا أو مؤجلا. وهذا هو الأصل في الشركات: أن يجتمع أكثر من شخص يشتريان ويبيعان بذمة واحدة. انظر "الشرح الكبير لابن قدامة" (14/ 9).
والله أعلم.