عندنا في بلدنا منذ القديم من يدعي أن له بركة للعلاج شيء معين، كعلاج بعض الأمراض عند الناس، فيأتي بشيء كخيط أو ماء أو ما شابه وينفث عليه، ويقدمه للمريض، وآخرون يدعون علاج سعار البهائم، وما شابه ذلك من الأمراض، فهل هذا صحيح، أو مجرد أكاذيب؟
الحمد لله.
أولا:
البركة لا تثبت لشي أو شخص إلا بدليل، كما بينا في جواب السؤال رقم: (531603).
ثانيا:
لا حرج في الرقية بالقراءة على ماء أو زيت، وسقيه للمريض أو دهنه به، أو بالقراءة على المريض مباشرة أو على الدابة.
روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (23508) عن ابن عباس، قال: "إذا عسر على المرأة ولدها، فيكتب هاتين الآيتين والكلمات في صحفة ثم تغسل فتسقى منها: بسم الله لا إله إلا هو الحليم الكريم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم» {كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها} [النازعات: 46] {كأنهم يوم يرون ما يوعدون لم يلبثوا إلا ساعة من نهار، بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون} [الأحقاف: 35]
وروى في مصنفه (23509) عن عائشة: "أنها كانت لا ترى بأسا أن يعوذ في الماء ثم يصب على المريض".
وروى في مصنفه (23510) عن أبي قلابة، وليث، عن مجاهد: "أنهما لم يريا بأسا أن يكتب آية من القرآن ثم يسقاه صاحب الفزع".
وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" (4/170) عن الرقية من العَيْن:
"ورأى جماعة من السلف أن تكتب له الآيات من القرآن، ثم يشربها. قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله ويسقيه المريض، ومثله عن أبي قلابة، ويُذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه أمر أن يكتب لامرأة تعسر عليها ولادها أثرٌ من القرآن، ثم يُغسل، وتسقى. وقال أيوب: رأيت أبا قلابة كتب كتابا من القرآن ثم غسله بماء وسقاه رجلا كان به وجع" انتهى.
وقال ابن مفلح رحمه الله: "وكان الشيخ تقي الدين رحمه الله [يعني: شيخ الإسلام ابن تيمية] يكتب على جبهة الراعف [الذي أصابه نزيف من الأنف]: (وَقِيلَ يَاأَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَاسَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ "" انتهى من " الآداب الشرعية " (2/442).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/97) : " وقراءة القرآن أو السنة على المريض، مباشرة بالنفث عليه: ثابتة بالسنة المطهرة من رقية الرسول صلى الله عليه وسلم لنفسه ولبعض أصحابه، أما كتابة الآيات بماء الورد والزعفران ونحو ذلك، ثم غمرها في الماء وشربها، أو القراءة على العسل واللبن ونحوها ودهن الجسم بالمسك وماء الورد المقروء عليه آيات قرآنية، فلا بأس به، وعليه عمل السلف الصالح" انتهى .
وينظر في رقية الحيوان، جواب السؤال رقم: (164906).
والحاصل: أنه لا حرج في الرقية بالقراءة على المريض إنسانا كان أو دابة، وبالقراءة على الماء والنفث فيه وصبه على المريض أو سقيه به.
ثالثا:
أما القراءة على الخيط، وربطه على يد المريض أو تعليقه عليه، فقد سبق في جواب السؤال رقم (11788) أنه لا يجوز، وهذا مذهب من حرَّم تعليق التميمة ولو كانت من القرآن، وهو قول جماعة من الصحابة، وعليه فتوى كثير من أهل العلم، وينظر: جواب السؤال رقم: (10543).
والله أعلم.