الحمد لله.
اعتقاد أن فلانة من الناس إذا قصت الشعر فإنه يطول ويكثف، اعتقاد لا أساس له، ولا يمكن إثبات البركة لشخص إلا بدليل.
روى البخاري (3579) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: “كُنَّا نَعُدُّ الآيَاتِ بَرَكَةً، وَأَنْتُمْ تَعُدُّونَهَا تَخْوِيفًا، كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَقَلَّ المَاءُ، فَقَالَ: اطْلُبُوا فَضْلَةً مِنْ مَاءٍ فَجَاءُوا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ قَلِيلٌ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ، ثُمَّ قَالَ: حَيَّ عَلَى الطَّهُورِ المُبَارَكِ، وَالبَرَكَةُ مِنَ اللَّهِ فَلَقَدْ رَأَيْتُ المَاءَ يَنْبُعُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَقَدْ كُنَّا نَسْمَعُ تَسْبِيحَ الطَّعَامِ وَهُوَ يُؤْكَلُ”.
جاء في “الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب المعاصرة” (1/ 39): ” ـ البركة من الله تعالى، يَخْتَصُّ بعض خلقه بما يشاء منها، فلا تثبت في شيء إلا بدليل. وهي تعني كثرة الخير وزيادته، أو ثبوته لزومه.
والتبرك من الأمور التوقيفية، فلا يجوز التبرك إلا بما ورد به الدليل” انتهى.
وقال الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل: ” البركة من الله تعالى، يختص بعض خلقه بما يشاء منها، فلا تثبت في شيء إلا بدليل.
وهي تعني كثرة الخير وزيادته أو ثبوته ولزومه.
وهي في الزمان: كليلة القدر، وفي المكان: كالمساجد الثلاثة.
وفي الأشياء: كماء زمزم.
وفي الأعمال: فكل عمل صالح مبارك.
وفي الأشخاص: كذوات الأنبياء” انتهى من “مجمل أصول أهل السنة”.
وقال الشيخ صالح آل الشيخ: ” فلم يرد دليل على أن من أصحاب الأنبياء والرسل مَن بركتهم بركة ذاتية، حتى أفضل هذه الأمة أبو بكر وعمر، فقد جاء بالتواتر القطعي: أن الصحابة والتابعين والمخضرمين لم يكونوا يتبركون بأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، كما كانوا يتبركون بشعر النبي صلى الله عليه وسلم، أو بوضوئه، أو بنخامته، أو بعرقه أو بملابسه، ونحو ذلك، فعلمنا بهذا التواتر القطعي أن بركة أبي بكر وعمر إنما هي بركة عمل، ليست بركة ذات تنتقل كما هي بركة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولهذا جاء في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن من الشجر لَمَا بركته كبركة المسلم» فدل هذا: على أن في كل مسلم بركة، وفي البخاري أيضا قول أسيد بن حضير: «ما هذه بأول بركتكم يا آل أبي بكر» .
فهذه البركة التي أضيفت لكل مسلم وأضيفت لآل أبي بكر، هي: بركة عمل، هذه البركة راجعة إلى الإيمان، وإلى العلم، والدعوة، والعمل. فكل مسلم فيه بركة، وهذه البركة ليست بركة ذات، وإنما هي بركة عمل، وبركة ما معه من الإسلام والإيمان، وما في قلبه من الإيقان والتعظيم لله – جل وعلا – والإجلال له، والاتباع لرسوله صلى الله عليه وسلم، فهذه البركة التي في العلم، أو العمل، أو الصلاح: لا تنتقل من شخص إلى آخر.
وعليه؛ فيكون معنى التبرك بأهل الصلاح هو الاقتداء بهم في صلاحهم، والتبرك بأهل العلم هو الأخذ من علمهم والاستفادة منه وهكذا” انتهى من “التمهيد شرح كتاب التوحيد” (1/ 126).
والحاصل:
أنه لا يجوز أن يعتقد أن فلانة في يده بركة، وأنها إذا قصت الشعر فإنه يطول ويكثر.
والله أعلم.
تعليق