في السنوات الماضية جعل شهر رمضان بداية لإخراج الزكاة فكانت تخرج تموين للفقراء وأغراض ضرورية لهم .. هذا العام علمنا أن زكاة الأموال لا بد أن تكون نقدا توزع على مصارفها .. سؤالي من شقين : 1-ما حكم إخراج الزكاة في الأعوام السابقة بشراء تموين وضروريات للفقراء ولم تكن نقداً؟ وهل نأثم بالجهل في ذلك ؟ وماذا علينا حالياً ؟ 2- بعض بيوت الفقراء إذا سلمنا الزكاة نقدا فإن عائلها يأخذها ويحرم منها أهل البيت في شراء دخان أو دش أو سفريات فنضطر لشراء احتياجات البيت ولا تسلم نقدا.. حتى نضمن استفادة هذه الأسرة وسد حاجتها ...فما الحكم في ذلك ؟
الحمد لله.
أولا :
الأصل أن تخرج الزكاة من جنس المال المزكَّى ، فزكاة النقود تخرج نقودا ، وزكاة بهيمة الأنعام تُخرج منها ، وزكاة الزروع تخرج زرعا ، إلا زكاة التجارة فإنها تخرج من القيمة ، ويجوز إخراجها من عروض التجارة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22449).
وقد اختلف العلماء في جواز إخراج الزكاة من غير جنس المال المزكَّى ، وهو ما يعرف عند العلماء بإخراج القيمة من الزكاة ، والراجح أنه لا يجوز إخراجها قيمة .
ولكن .. نظراً لقوة الخلاف في المسألة ، فنرجو ألا يكون عليك حرج في إخراج القيمة في الأعوام الماضية ، وعليك إخراجها من جنس المال المزكَّى في الأعوام القادمة .
ثانياً :
إذا كان الفقير سفيهاً لا يحسن التصرف في المال ، فقد أجاز بعض العلماء إعطاءه الزكاة سلعاً عينيةً بدلاً من النقود ، مراعاة لمصلحة الفقير ، وسدّاً لحاجته .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" ( 25/82 ) : " وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك ، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز ، وعند أبي حنيفة يجوز ، وأحمد رحمه الله قد منع القيمة في مواضع ، وجوزها في مواضع ، فمن أصحابه من أقر النص ، ومنهم من جعلها على روايتين . والأظهر في هذا : أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه . . . إلى أن قال رحمه الله :
" وأما إخراج القيمة للحاجة ، أو المصلحة ، أو العدل فلا بأس به ، مثل أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه بدراهم فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه ولا يكلف أن يشتري ثمرا أو حنطة إذ كان قد ساوى الفقراء بنفسه ، وقد نص أحمد على جواز ذلك... ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع فيعطيهم إياها " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ويجوز أيضا أن يخرج عن النقود عروضا من الأقمشة والأطعمة وغيرها ، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة ، مثل أن يكون الفقير مجنونا أو ضعيف العقل أو سفيها أو قاصرا ، فيخشى أن يتلاعب بالنقود ، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاما أو لباسا ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة ، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم ". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (14/253).
وسئل رحمه الله عن شراء مواد غذائية منوعة وعينية كالبطانيات والملابس وصرفها للجهات الإسلامية الفقيرة من الزكاة ، خاصة في الحالات التي لا تتوفر فيها المواد الغذائية بأسعار معقولة في تلك البلدان .
فأجاب : " لا مانع من ذلك بعد التأكد من صرفها في المسلمين ". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (14/246) .
وسئلت الجنة الدائمة للإفتاء : نحب أن نستوضح من سماحتكم عن موضوع صرف مبالغ من الزكاة لشراء مواد غذائية منوعة وعينية كالبطانيات والملابس وصرفها لبعض الجهات الإسلامية الفقيرة مثل السودان وأفريقيا والمجاهدين الأفغان ، خاصة في الحالات التي لا تتوفر المواد الغذائية بأسعار معقولة في تلك البلدان ، أو تكاد تكون معدومة فيها كلية ، وإن توفرت فيها فهي بأسعار مضاعفة عن الأسعار التي تصلهم بها لو أرسلت عيناً.. نرجو إفادتنا جزاكم الله خيراً بما ترونه حيال ذلك .
فأجابت: " إذا كان الأمر كما ذكر فإنه لا حرج في ذلك ؛ مراعاة لمصلحة مستحقيها ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/433).
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد في القول والعمل .
والله أعلم .