الحمد لله.
أولا :
الأصل أن تخرج الزكاة من جنس المال المزكَّى ، فزكاة النقود تخرج نقودا ، وزكاة بهيمة الأنعام تُخرج منها ، وزكاة الزروع تخرج زرعا ، إلا زكاة التجارة فإنها تخرج من القيمة ، ويجوز إخراجها من عروض التجارة ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم (22449).
وقد اختلف العلماء في جواز إخراج الزكاة من غير جنس المال المزكَّى ، وهو ما يعرف عند العلماء بإخراج القيمة من الزكاة ، والراجح أنه لا يجوز إخراجها قيمة .
ولكن .. نظراً لقوة الخلاف في المسألة ، فنرجو ألا يكون عليك حرج في إخراج القيمة في الأعوام الماضية ، وعليك إخراجها من جنس المال المزكَّى في الأعوام القادمة .
ثانياً :
إذا كان الفقير سفيهاً لا يحسن التصرف في المال ، فقد أجاز بعض العلماء إعطاءه الزكاة سلعاً عينيةً بدلاً من النقود ، مراعاة لمصلحة الفقير ، وسدّاً لحاجته .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في "مجموع الفتاوى" ( 25/82 ) : " وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك ، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز ، وعند أبي حنيفة يجوز ، وأحمد رحمه الله قد منع القيمة في مواضع ، وجوزها في مواضع ، فمن أصحابه من أقر النص ، ومنهم من جعلها على روايتين . والأظهر في هذا : أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه . . . إلى أن قال رحمه الله :
" وأما إخراج القيمة للحاجة ، أو المصلحة ، أو العدل فلا بأس به ، مثل أن يبيع ثمر بستانه أو زرعه بدراهم فهنا إخراج عشر الدراهم يجزئه ولا يكلف أن يشتري ثمرا أو حنطة إذ كان قد ساوى الفقراء بنفسه ، وقد نص أحمد على جواز ذلك... ومثل أن يكون المستحقون للزكاة طلبوا منه إعطاء القيمة لكونها أنفع فيعطيهم إياها " انتهى.
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله : " ويجوز أيضا أن يخرج عن النقود عروضا من الأقمشة والأطعمة وغيرها ، إذا رأى المصلحة لأهل الزكاة في ذلك مع اعتبار القيمة ، مثل أن يكون الفقير مجنونا أو ضعيف العقل أو سفيها أو قاصرا ، فيخشى أن يتلاعب بالنقود ، وتكون المصلحة له في إعطائه طعاما أو لباسا ينتفع به من زكاة النقود بقدر القيمة الواجبة ، وهذا كله في أصح أقوال أهل العلم ". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (14/253).
وسئل رحمه الله عن شراء مواد غذائية منوعة وعينية كالبطانيات والملابس وصرفها للجهات الإسلامية الفقيرة من الزكاة ، خاصة في الحالات التي لا تتوفر فيها المواد الغذائية بأسعار معقولة في تلك البلدان .
فأجاب : " لا مانع من ذلك بعد التأكد من صرفها في المسلمين ". انتهى من "مجموع فتاوى ومقالات الشيخ ابن باز" (14/246) .
وسئلت الجنة الدائمة للإفتاء : نحب أن نستوضح من سماحتكم عن موضوع صرف مبالغ من الزكاة لشراء مواد غذائية منوعة وعينية كالبطانيات والملابس وصرفها لبعض الجهات الإسلامية الفقيرة مثل السودان وأفريقيا والمجاهدين الأفغان ، خاصة في الحالات التي لا تتوفر المواد الغذائية بأسعار معقولة في تلك البلدان ، أو تكاد تكون معدومة فيها كلية ، وإن توفرت فيها فهي بأسعار مضاعفة عن الأسعار التي تصلهم بها لو أرسلت عيناً.. نرجو إفادتنا جزاكم الله خيراً بما ترونه حيال ذلك .
فأجابت: " إذا كان الأمر كما ذكر فإنه لا حرج في ذلك ؛ مراعاة لمصلحة مستحقيها ". انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (9/433).
نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد في القول والعمل .
والله أعلم .
تعليق