الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

نصرانية تسأل النصح حول علاقتها بمسلم يحادثها ويخرج معها

السؤال

إنني أبلغ من العمر 23 عاما ، ولي طفلان ، والرجل الذي أتحدث إليه يبلغ ثلاثين عاما ، وقد سعدت كثيراً أن وجدت هذا الموقع ، وآمل أن أجد ضالتي عندكم ، وإليكم قصتي : لقد قابلتُ رجلاً منذ شهرين على الإنترنت " فيس بوك " وقد تحدثنا عبر الهاتف وقد كانت الأمور بيننا جيدة لفترة طويلة ، وقد قابلته في النهاية وجهاً لوجه السبت الماضي ، وتحدثنا مدة 5 دقائق وبعدها غادر ، ثم تقابلنا يوم الأحد وذهبنا لمشاهدة فيلم ، وقبَّلني في شفتي ، إنني غير متأكدة مما إذا كان ملتزماً بدينه أم لا ولكنني أعرف أنه لا يشرب الخمر أو يدخن ، وهو ينصحني بالابتعاد عن هاتين العادتين أيضاً ، سؤالي هو : هل يمكن لمسلم أن يتعامل مع امرأة مثلي لها طفلان بمحض الجد ؟ هناك أخت مسلمة تقول لي " لا " لأنني لست بكراً وليس صحيحا مواعدة شاب مسلم ، إنني أشعر بشعور سيء حيال ذلك الأمر لأنني أحبه كثيراً وأحترم دينه ، وأريد أن أعرف إذا كانت بيننا علاقة فكيف لعائلته أن تراني ؟ هل يظنون بي ظن السوء لأنني لدي طفلان ؟ أعرف أنه على المسلم ألا يواعد ولكنني لا أدري كيف فعلت ذلك ؟ إنني أشعر بالحب تجاهه حتى أننا عندما نتقابل فإننا نتحدث في كثير من الأمور ويقول لي إنني كل شيء بالنسبة له وأنه ملكي أنا وأنه لن يستغلني يوماً ، وقد أخبرته منذ أول يوم تحدثت إليه عبر " الفيس بوك " أنه إن كان يبحث عن الجنس فليبحث عنه في مكان آخر ، وقد كنت أقبِّله ولكن ليس بيننا زنى لأنني أحبه كثيراً . أرجو نصيحة تهديني للطريق الصحيح ، شكراً لكم .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
خلق الله تعالى الرجل والأنثى وجعل ميل كل واحد منهما للآخر في أصل خلقته ، ولا يمكن لأحد أن يُنكر هذا ، وقد راعت الشريعة الإسلامية ونظَّمت التقاء كل واحد منهما بالآخر ، وجعلت ذلك محصوراً بالزواج ، وحرَّمت ما عداه مما تأباه الفطَر السوية والعقول الراجحة ، فليست المرأة سلعة رخيصة حتى تكون لمن يريد قضاء حاجته منها ، بل لأنها مكرَّمة جُعلت لرجل واحد يرعاها وينفق عليها ويعطيها حقوقها ، وجعلت الحصول عليها زوجة عن طريق الرؤية أولاً ، ثم طلبها من وليٍّ لها ، ثم بذل مال يكون مهراً لها ، وكل ذلك ليجعل الشرع من المرأة كياناً محترماً ليس من السهل الحصول عليها حتى لا يسهل التفريط بها ، والمشاهد الآن في عالَم الانحلال أن الرجل يسعى للحصول على امرأة تعجبه ليقضي شهوته منها ثم يلقيها ليبحث عن غيرها أجمل منها ، وهكذا تنتقل هي من فريسة لأخرى ، وينتقل هو من عشيقة لأخرى ، فلا يُبنى بيتٌ ، ولا يكون أولادٌ ، ولن يكون - بالنتيجة - أسرة آمنة مطمئنة ، وكل ذلك مرفوض في الإسلام وجاء تحريمه والمنع منه بما لا يدع مجالاً للتوقف أو الاختلاف ، ومن يخالف ذلك من المسلمين فهو متبع لهواه مقلد لأهل الانحلال والفجور ، والشرع الإسلامي بريء من تصرفه وفعله .
وعليه : فالعلاقات التي تكون بين الرجل والأنثى خارج نطاق الزواج الشرعي الموثق هي علاقات محرَّمة لا يحل لمسلم أن يقيمها لا مع مسلمة ولا مع غير مسلمة ، وقد أعجبنا قولك لذلك المسلم المخالف لدينه أنه إذا أراد أن يبحث عن الجنس فليبحث عنه عند غيرك ، وهذا يؤكد ما قلناه أن المرأة ليست سلعة رخيصة ، ولكن لم يعجبنا خروجك معه وما حصل بينكما من خلوة وتقبيل ، وإذا كنتِ ترين ذلك طبيعيّاً عندك فإنه ليس كذلك عندنا ، فما فعله هو أمور محرَّمة في الإسلام لا ينبغي لمسلم أن يفعلها ، وإذا كان حصل بينكما إعجاب فالطريق الوحيد ليكون اللقاء بينكما حلالاً هو الزواج لا غير ، وكل لقاء أو علاقة مع امرأة أجنبية عن الرجل ، خارج نطاق الزواج ، فهو محرَّم ويستحق عليه العقوبة الأخروية .
وانظري – مثلاً – جواب السؤال رقم ( 34841 ) .

ثانياً:
اعلمي أن الإسلام قد أباح التزوج من امرأة نصرانية بشرط أن تكون مؤمنة بدينها ولا تكون ملحدة أو بلا دين ، وبشرط أن تكون عفيفة في شرفها ليست زانية وليس لها عشَّاق ، ويشترط لصحة العقد وجود ولي لك يزوجك ، ووجود شاهدين مسلميْن يشهدان على العقد ويقوم الإعلان عن الزواج مقام الشهود - وانظري تفصيل هذا في جوابي السؤالين ( 2527 ) و ( 12283 )  .
ووجود أولاد لها من زواج سابق لا يؤثر في تزوجها من مسلم ، ومن قال إن المرأة النصرانية أو اليهودية لا تحل للمسلم إلا أن تكون بِكراً فقوله ليس صواباً ، وإنما الشرط في حلِّها هو أن تكون عفيفة عن الزنى وهذا الشرط تشترك فيه مع المرأة المسلمة ، فلا يجوز لمسلم عفيف التزوج من زانية إلا أن تتوب توبة صادقة ، وكذلك لا يجوز لامرأة عفيفة أن تتزوج من رجل زانٍ إلا أن يتوب توبة صادقة ، كما بينَّاه في جواب السؤال (85335 ) فلينظر .
وبما أن العلاقة بينكما لم تصل للزنا – كما ذكرتِ والحمد لله – فإنه ليس هناك ما يمنع من الزواج بك من هذه الحيثية ، كما بيناه في جواب السؤال رقم ( 148528 ) .

ثالثاً:
أما أهل الرجل المسلم فقد يقبلون لابنهم التزوج بكتابية لها أولاد ، وإذا رفضوا ذلك فليس لأنه أمرٌ محرَّم شرعاً بل قد يكون لظروف تتعلق ببيئتهم أو لعلمهم بعدم قدرة ابنهم على القيام بحقوق تلك الزوجة ورعاية أولادها ، ولكنهم لا يقبلون أن يكون لابنهم عشيقة يخلو بها ، ويسافر معها ، وإن قبلوا بذلك فإنما هم مخالفون للشرع المطهَّر ولا شك .
فمسألة قبول أهله ، أو عدم قبولهم ، هي مسألة اجتماعية ، وليست حكما شرعيا ، وليس من شرط زواج الرجل أن يقبل أهله ذلك ، وإن كان هذا أمرا محببا مطلوبا .

رابعاً:
مع كون ذلك الرجل مسلماً – حسب كلامك - فإن ذلك لم يمنعنا من قول الحق في حكم ما فعله معك وحكم علاقته بك ، ونضيف نصحاً لك : أن لا تلتفتي إلى معسول الكلام من أحدٍ يرتبط بعلاقة معك خارج نطاق الزواج ، ومنه قول ذلك الرجل " إنه مِلكك " و " إنه لن يستغلك " وغير ذلك من العبارات المنمقة والجمل السحرية ، فكل ذلك غالبه إنما هو للوصول لمقصوده وهو قضاء شهوته منك ، ثم ينتهي الأمر عند ذلك ليبحث عن أخرى ! وما قلناه إنما هو باستقراء واقع العلاقات غير الشرعية ، وخاصة تلك التي تنشأ من محادثات " التشات " و تعارفات " الفيس بوك " ، فنرجو منك أن لا تغتري بمعسول الكلام ذاك ، وإذا كان ذلك الرجل صادقاً في إعجابه بك فليثبت ذلك بالزواج منك ، وأما إثبات ذلك بالخروج معاً لمشاهدة " فيلم " أو الذهاب لطعم لتناول وجبة : فكل ذلك لا يثبت صدقاً في المشاعر فلا تبني عليه أحلاماً وآمالاً ، وإذا كان غير المسلمين يفعلون ذلك وترضى المرأة به فإن الإسلام يحرِّمه ويمنعه ولا يرضى به ويحذِّر المرأة من الاغترار به .
خامساً:
والفرصة الآن مواتية لنا لنعرض عليك ما هو خير لك في دنياك وآخرتك ، وهو الدخول في الإسلام لتكوني مسلمة موحِّدة لله تعالى خالق الكون ورازق الخلق ، وهذا الدِّين الذي ندعوك إليه هو دين عيسى عليه السلام ودين إبراهيم وإخوانهما الأنبياء والمرسلين ، فكل أولئك عبدوا ربّاً واحدا وهو الله جل جلاله ، وأفردوا له العبادة وحده لا شريك له ، ودعوا الناس لذلك ، والإسلام هو الذي جاء بالأحكام الصالحة لكل زمان ومكان ، ففيه صلاح الأفراد والمجتمعات ، وستشعرين بسعادة غامرة كما شعرها بها من سبقك لهذا الطريق ، وعندها قد ييسر الله تعالى لك زوجاً يليق بك يرعاك ويحفظ حقوقك ويحتسب رعاية أولادك ، وعسى أن تكسبي وإياه أجر إسلامهم ، فيكون لكم اجتماع في الدنيا والآخرة ، وأما مع عدم إسلامك فلا بد أن تعلمي أنكِ إذا اجتمعتِ مع مسلم بصفته زوجاً لك في الدنيا : فإن الآخرة ستفرِّق بينكما ولا بدَّ ، وهذا يؤكد ما قلناه لك أن إسلامك يعني الفوز بالدنيا والآخرة ، واجتماعك بزوجك وأولادك في جنة الخلد هو فوز عظيم يسعى إليه العقلاء ويفوت على الأشقياء .
ونسأل الله أن يهديك لما فيه خير دنياك وأخراك ، وأن ييسر الله لك زوجاً صالحاً .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب