الحمد لله.
أولاً:
خلق الله تعالى الرجل والأنثى وجعل ميل كل واحد منهما للآخر في أصل خلقته ، ولا يمكن لأحد أن يُنكر هذا ، وقد راعت الشريعة الإسلامية ونظَّمت التقاء كل واحد منهما بالآخر ، وجعلت ذلك محصوراً بالزواج ، وحرَّمت ما عداه مما تأباه الفطَر السوية والعقول الراجحة ، فليست المرأة سلعة رخيصة حتى تكون لمن يريد قضاء حاجته منها ، بل لأنها مكرَّمة جُعلت لرجل واحد يرعاها وينفق عليها ويعطيها حقوقها ، وجعلت الحصول عليها زوجة عن طريق الرؤية أولاً ، ثم طلبها من وليٍّ لها ، ثم بذل مال يكون مهراً لها ، وكل ذلك ليجعل الشرع من المرأة كياناً محترماً ليس من السهل الحصول عليها حتى لا يسهل التفريط بها ، والمشاهد الآن في عالَم الانحلال أن الرجل يسعى للحصول على امرأة تعجبه ليقضي شهوته منها ثم يلقيها ليبحث عن غيرها أجمل منها ، وهكذا تنتقل هي من فريسة لأخرى ، وينتقل هو من عشيقة لأخرى ، فلا يُبنى بيتٌ ، ولا يكون أولادٌ ، ولن يكون - بالنتيجة - أسرة آمنة مطمئنة ، وكل ذلك مرفوض في الإسلام وجاء تحريمه والمنع منه بما لا يدع مجالاً للتوقف أو الاختلاف ، ومن يخالف ذلك من المسلمين فهو متبع لهواه مقلد لأهل الانحلال والفجور ، والشرع الإسلامي بريء من تصرفه وفعله .
وعليه : فالعلاقات التي تكون بين الرجل والأنثى خارج نطاق الزواج الشرعي الموثق هي علاقات محرَّمة لا يحل لمسلم أن يقيمها لا مع مسلمة ولا مع غير مسلمة ، وقد أعجبنا قولك لذلك المسلم المخالف لدينه أنه إذا أراد أن يبحث عن الجنس فليبحث عنه عند غيرك ، وهذا يؤكد ما قلناه أن المرأة ليست سلعة رخيصة ، ولكن لم يعجبنا خروجك معه وما حصل بينكما من خلوة وتقبيل ، وإذا كنتِ ترين ذلك طبيعيّاً عندك فإنه ليس كذلك عندنا ، فما فعله هو أمور محرَّمة في الإسلام لا ينبغي لمسلم أن يفعلها ، وإذا كان حصل بينكما إعجاب فالطريق الوحيد ليكون اللقاء بينكما حلالاً هو الزواج لا غير ، وكل لقاء أو علاقة مع امرأة أجنبية عن الرجل ، خارج نطاق الزواج ، فهو محرَّم ويستحق عليه العقوبة الأخروية .
وانظري – مثلاً – جواب السؤال رقم ( 34841 ) .
ثانياً:
اعلمي أن الإسلام قد أباح التزوج من امرأة نصرانية بشرط أن تكون مؤمنة بدينها ولا
تكون ملحدة أو بلا دين ، وبشرط أن تكون عفيفة في شرفها ليست زانية وليس لها عشَّاق
، ويشترط لصحة العقد وجود ولي لك يزوجك ، ووجود شاهدين مسلميْن يشهدان على العقد
ويقوم الإعلان عن الزواج مقام الشهود - وانظري تفصيل هذا في جوابي السؤالين (
2527 ) و (
12283 ) .
ووجود أولاد لها من زواج سابق لا يؤثر في تزوجها من مسلم ، ومن قال إن المرأة
النصرانية أو اليهودية لا تحل للمسلم إلا أن تكون بِكراً فقوله ليس صواباً ، وإنما
الشرط في حلِّها هو أن تكون عفيفة عن الزنى وهذا الشرط تشترك فيه مع المرأة المسلمة
، فلا يجوز لمسلم عفيف التزوج من زانية إلا أن تتوب توبة صادقة ، وكذلك لا يجوز
لامرأة عفيفة أن تتزوج من رجل زانٍ إلا أن يتوب توبة صادقة ، كما بينَّاه في جواب
السؤال (85335 ) فلينظر .
وبما أن العلاقة بينكما لم تصل للزنا – كما ذكرتِ والحمد لله – فإنه ليس هناك ما
يمنع من الزواج بك من هذه الحيثية ، كما بيناه في جواب السؤال رقم (
148528 ) .
ثالثاً:
أما أهل الرجل المسلم فقد يقبلون لابنهم التزوج بكتابية لها أولاد ، وإذا رفضوا ذلك
فليس لأنه أمرٌ محرَّم شرعاً بل قد يكون لظروف تتعلق ببيئتهم أو لعلمهم بعدم قدرة
ابنهم على القيام بحقوق تلك الزوجة ورعاية أولادها ، ولكنهم لا يقبلون أن يكون
لابنهم عشيقة يخلو بها ، ويسافر معها ، وإن قبلوا بذلك فإنما هم مخالفون للشرع
المطهَّر ولا شك .
فمسألة قبول أهله ، أو عدم قبولهم ، هي مسألة اجتماعية ، وليست حكما شرعيا ، وليس
من شرط زواج الرجل أن يقبل أهله ذلك ، وإن كان هذا أمرا محببا مطلوبا .
رابعاً:
مع كون ذلك الرجل مسلماً – حسب كلامك - فإن ذلك لم يمنعنا من قول الحق في حكم ما
فعله معك وحكم علاقته بك ، ونضيف نصحاً لك : أن لا تلتفتي إلى معسول الكلام من أحدٍ
يرتبط بعلاقة معك خارج نطاق الزواج ، ومنه قول ذلك الرجل " إنه مِلكك " و " إنه لن
يستغلك " وغير ذلك من العبارات المنمقة والجمل السحرية ، فكل ذلك غالبه إنما هو
للوصول لمقصوده وهو قضاء شهوته منك ، ثم ينتهي الأمر عند ذلك ليبحث عن أخرى ! وما
قلناه إنما هو باستقراء واقع العلاقات غير الشرعية ، وخاصة تلك التي تنشأ من
محادثات " التشات " و تعارفات " الفيس بوك " ، فنرجو منك أن لا تغتري بمعسول الكلام
ذاك ، وإذا كان ذلك الرجل صادقاً في إعجابه بك فليثبت ذلك بالزواج منك ، وأما إثبات
ذلك بالخروج معاً لمشاهدة " فيلم " أو الذهاب لطعم لتناول وجبة : فكل ذلك لا يثبت
صدقاً في المشاعر فلا تبني عليه أحلاماً وآمالاً ، وإذا كان غير المسلمين يفعلون
ذلك وترضى المرأة به فإن الإسلام يحرِّمه ويمنعه ولا يرضى به ويحذِّر المرأة من
الاغترار به .
خامساً:
والفرصة الآن مواتية لنا لنعرض عليك ما هو خير لك في دنياك وآخرتك ، وهو الدخول في
الإسلام لتكوني مسلمة موحِّدة لله تعالى خالق الكون ورازق الخلق ، وهذا الدِّين
الذي ندعوك إليه هو دين عيسى عليه السلام ودين إبراهيم وإخوانهما الأنبياء
والمرسلين ، فكل أولئك عبدوا ربّاً واحدا وهو الله جل جلاله ، وأفردوا له العبادة
وحده لا شريك له ، ودعوا الناس لذلك ، والإسلام هو الذي جاء بالأحكام الصالحة لكل
زمان ومكان ، ففيه صلاح الأفراد والمجتمعات ، وستشعرين بسعادة غامرة كما شعرها بها
من سبقك لهذا الطريق ، وعندها قد ييسر الله تعالى لك زوجاً يليق بك يرعاك ويحفظ
حقوقك ويحتسب رعاية أولادك ، وعسى أن تكسبي وإياه أجر إسلامهم ، فيكون لكم اجتماع
في الدنيا والآخرة ، وأما مع عدم إسلامك فلا بد أن تعلمي أنكِ إذا اجتمعتِ مع مسلم
بصفته زوجاً لك في الدنيا : فإن الآخرة ستفرِّق بينكما ولا بدَّ ، وهذا يؤكد ما
قلناه لك أن إسلامك يعني الفوز بالدنيا والآخرة ، واجتماعك بزوجك وأولادك في جنة
الخلد هو فوز عظيم يسعى إليه العقلاء ويفوت على الأشقياء .
ونسأل الله أن يهديك لما فيه خير دنياك وأخراك ، وأن ييسر الله لك زوجاً صالحاً .
والله أعلم
تعليق