الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

كيفية كتابة الوصية

10447

تاريخ النشر : 29-03-2001

المشاهدات : 50039

السؤال

قلبت صفحات القران الكريم بحثا عن كيفية كتابة الوصية , لكني وجدت الأمر معقدا بالنسبة لي . لهذا ، فإني آمل أن تساعدني إن شاء الله . أرجو أن تتكرم وتبين لي : كيف يمكن لمسلمة متزوجة أن تكتب وصية إسلامية وحالها ما يلي :
لديها حساب توفير شخصي .
بيت واستثمارات عقارية أخرى , ويشاركها في ذلك زوجها .
مقتنيات شخصية مثل المجوهرات وما شاكل ذلك .  
عندي زوج ، ووالد، وإخوان ، وأخوات ، وأبناء وبنات إخواني الذكور والإناث . هل توضحوا لي كيف أوزع كل شيء ؟ وهل أحتاج إلى توزيع كل شيء (ما أملك) إلى حصص ؟ أم هل يمكنني إعطاء بعض الأشياء إلي بنات إخواني وأخوتي المقربات إلى قلبي لا لشيء إلا لأنني أود إعطائهم ذلك ؟ وهل في ذلك العمل ما يتعارض مع ما جاء في القرآن ؟

الجواب

الحمد لله.

هناك فَرْقٌ بين الوَصِيَّة والهِبَة ، فالتبرع بالمال حال الحياة للغير يعتبر هبة ، ولا يأخذ أحكام الوصية ولكن يَحْسُنُ التَّنْبِيه إلى أنه لا يجوز للشخص أن يَهَبَ لبعض أولاده ويترك بعضهم ، أو يُفَضِّل بعضهم على بعض في الهبة ، بل يجب العدل بينهم ، لحديث النعمان بن بشير : أنّ أباه أتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، لمَّا نَحَلَهُ نِحْلَةً ، لِيَشْهَدَ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أَكُلُّ وَلَدِكَ نَحَلْتَ مثل هذا ؟ فقال : لا . فقال : أرْجِعْه . ثم قال : اتقوا الله واعدلوا في أولادكم ) رواه البخاري (الهبة/2398) .

أما الوصية فهي الأمر بالتصرف بعد الموت أو التبرع بالمال بعد الموت .

والدليل على مشروعيتها الكتاب والسنة والإجماع ، قال تعالى : ( كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين ) البقرة /180 ، وقوله تعالى : ( من بعد وصية يوصى بها أو دين ) النساء /11 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن الله تصدق عليكم بِثُلُثِ أموالكم عند وفاتكم زيادة في أعمالكم ) رواه ابن ماجة (الوصايا/ 2700) وحسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجة برقم 2190 .

وأجمع العلماء على جوازها .

وتكون واجبة ، بما يكون على الإنسان من الحقوق التي ليس فيها إثباتات ، لئلا تَضِيع لقول النبي صلى الله عليه وسلم عليه وسلم : ( ما حَقّ امرئ مسلم له شيء يوصي به يَبِيتُ ليلتين إلا وَوَصِيَّته عنده مكتوبة " رواه البخاري ( الوصايا/2533) ، وتكون مُسْتحبة بأن يوصي الإنسان بشيء من ماله يُصْرَفُ في سبيل البر والإحسان ، لِيَصِلَ ثوابه إليه بعد وفاته ، فقد أذِنَ الله له بالتصرف عند الموت بِثُلُثِ المال .

وتجوز بحدود ثلث المال فأقل ، وبعض العلماء يَسْتَحِبّ أن لا تَبْلُغَ الثُّلث ، ولا تَصِحّ الوصية لأحد من الورثة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا وَصِيّة لوارث ) رواه الترمذي ( الوصايا/ 2047) وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي برقم 1722 ، وإذا قصد الوصي المُضَارّة بالوارث ، ومضايقتِه فإن ذلك يَحْرُم عليه لقول الله تعالى : ( غير مُضَارّ ) النساء /12 ، ويبدأ اعتبار الوصية بحال الموت ، ويجوز للموصى الرجوع فيها ونقضها أو الرجوع في بعضها ، وتنفيذ الوصية أمر مهم فقد أكد عليها الله عز وجل وقدمها في الذِّكر على غيرها وقد جاء الوعيد الشديد لمن بَدّلها ، أما تَوْزِيع ممتلكات الشَّخص ، فإنه لا يملك الحق في توزيعها بعد وفاته لأن حصة كل وارث قد بينها الله عز وجل وبين من يَرِثْ ومن لا يَرِث ، ولا يجوز لأي شخص أن يَتَعَدَّى حدود الله لأن الله حذّر من ذلك فقال في سورة النساء : ( يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(11) وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوْ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنْ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (12) تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (13) وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ (14) والله أعلم .

للاستزادة انظر كتاب الملخص الفقهي : صالح الفوزان 2/172-182

ولا مانع من إعطاء بنات وأبناء إخوانك وأخواتك ما شئت من مالك في حياتك ، وبما أنهم ليسوا من أولادك فلا يجب إعطاؤهم بالتساوي ، ويمكنك إعطاء من تحبِّين ومن شئت منهم وأصحاب الحاجات على حسب حاجتهم ، واحرصي على إعطاء صاحب الدِّين الذي يستعين بالمال على طاعة الله ، كما يجوز الوصية لهم بالثلث فأقل ما داموا ليسوا من الورثة . والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد