الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

حكم الاشتراك مع مجموعة في "جداول محاسبة النفس"

109125

تاريخ النشر : 15-08-2008

المشاهدات : 33394

السؤال

انتشر في العديد من المنتديات مواضيع تدعو الأعضاء إلى أن يسجل كل عضو حضوره على المشاركين في المسابقة أن يحافظوا على الصلوات الخمس في المسجد طيلة مدة المسابقة ، والتي ستدوم مدة أسبوع إن شاء الله , وعلى غرار هذا الأمر سيقوم المتسابق بتلوين شجرة أعدت لهذا الغرض ، والتي ستستعملها الإدارة للتنقيط ، وتحديد الفائز . للشجرة 7 أغصان ، تمثل أيام الأسبوع ، ولكل غصن 5 أوراق ، تمثل صلوات اليوم ، وثمرة إذا صليت في الوقت وفي المسجد ، لون ورقة بالأخضر ، إذا أضعت صلاة الجماعة لون الورقة بالأصفر ، والثمرة لعمل خيري ، ولا تحسب في التنقيط ، فما حكم الشرع في مثل هذه المواضيع ؟ وهل هذا الأمر يعتبر أمراً مبتدعاً ؟ .

الجواب

الحمد لله.


المسلم يعبد ربَّه تعالى اتباعاً لما أمر الله به في كتابه الكريم ، ورسوله صلى الله عليه وسلم في سنَّته ، وما يكون من عبادة فبينه وبين ربه عز وجل ، ولا حاجة له أن يطلع الناس عليها ليروا ماذا فعل ، وبماذا قصَّر ؟
والذي يظهر أن الفعل الوارد في السؤال وأمثاله ليس موافقاً للشرع ؛ لعدة اعتبارات ، منها :
1. أنه ليس سائراً على هدي سلف هذه الأمة ، فلا هو فعل أحدٍ من الصحابة ، ولا من بعدهم ، إنما هو فعل مبتدع في هذا الزمان .
2. أن المسلم يصلي لربه تعالى ، ولا يصلي ليحصِّل جوائز من الخلق .
3. أن مثل هذه الجداول تفتح باب الكذب على ضعفاء النفوس ، فقد يستحي أحدهم من أن يراه إخوانه مقصراً ، فيقع في الكذب .
4. أن مثل هذا التنافس بين الأعضاء المشاركين في المسابقة قد يفتح باباً عليهم من الفخر والإعجاب بالعمل .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : يتبع بعض الناس طريقة لمحاسبة أنفسهم في أداء الصلوات المفروضة والسنن الرواتب ، وهي أن يضع جدولاً ، هذا الجدول عبارة عن محاسبة لأدائه الصلوات خلال أسبوع واحد ، بحيث يضع أمام كل وقت صلاة مربعين ، أحدهما للفرض والآخر للسنة الراتبة ، فإذا صلى الفرض مع الجماعة وضع لصلاته تلك درجة ، وإذا صلى الراتبة وضع لها درجة أيضاً ، وإذا لم يصل لم يضع درجة وهكذا ، ثم في آخر الأسبوع يخرج مجموع الدرجات ، وتشتمل الورقة على أربعة جداول لشهر واحد ، ويقول هؤلاء : إن مثل هذه الوسيلة تعين على المحافظة على أداء الفرائض والسنن ، فما رأي فضيلتكم في هذه الطريقة ؟ هل هي مشروعة أم لا ؟ وما رأيكم في نشرها أثابكم الله ؟
فأجاب : " هذه الطريقة غير مشروعة ، فهي بدعة ، وربما تسلب القلب معنى التعبد لله تعالى ، وتكون العبادات كأنها أعمال روتينية كما يقولون ، وفي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا حبل ممدود بين ساريتين ، فقال : ( ما هذا ) ؟ ، قالوا : حبل لزينب تصلي فإذا كسلت ، أو فترت أمسكت به فقال : ( حلوه ، ليصل أحدكم نشاطه فإذا كسل ، أو فتر فليقعد ) ، ثم إن الإنسان قد يعرض له أعمال مفضولة في الأصل ثم تكون فاضلة في حقه لسبب ، فلو اشتغل بإكرام ضيف نزل به عن راتبة صلاة الظهر لكان اشتغاله بذلك أفضل من صلاة الراتبة .
وإني أنصح شبابنا من استعمال هذه الأساليب في التنشيط على العبادة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من مثل ذلك حيث حث على اتباع سنته وسنة الخلفاء الراشدين ، وحذر من البدع ، وبين أن كل بدعة ضلالة ، يعني وإن استحسنها مبتدعوها ، ولم يكن من هديه ولا هدي خلفائه وأصحابه رضي الله عنهم مثل هذا " انتهى .
"مجموع فتاوى ابن عثيمين" (16/111) .
وقد سئل الشيخ عبد الرحمن البراك حفظه الله :
نحن ستة أصدقاء ، نجتمع كل 15 يوماً في بيت أحدنا على برنامج يتضمن القرآن ، والأربعين النووية ، ومنهاج المسلم ، وموعظة صاحب البيت ، ورجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ، والافتتاح بالقرآن ، والختم بالدعاء ، ومن بين برامجنا : ورقة نملؤها كل شهر ، نسميها " جدول التنافس " ، وتتضمن ورداً من القرآن ، والصلوات الخمس في المسجد ، والصيام ، وصلة الرحم ، وعندما نواظب على ملئها تكون النتائج طيبة ، وعند عدم ملئها تكون النتائج سلبية ، من تفريط في تلاوة القرآن ، فما حكم الشرع في هذا الجدول ؟
فأجاب :
" الحمد لله : الذي يظهر لي أن اتخاذ هذا الجدول والتنافس على فقراته : بدعة ؛ لأنه يتضمن التفاخر ، والإعجاب بالعمل ، ويتضمن كذلك إظهار العمل الذي إخفاؤه أفضل ؛ لأن إخفاء العمل من الصدقة ، وتلاوة القرآن ، أو الذكر : أبعد عن الرياء ، قال تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) الأعراف/ 55 ، وقال : ( ذكر رحمت ربك عبده زكريا إذ نادى ربه نداء خفياً ) مريم/ 2 ، 3 ، وأحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله : ( رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ) .
فالذي ينبغي : التواصي بالتزود من نوافل الطاعات ، والإكثار من ذلك ، وكلٌّ يعمل ما تيسر له فيما بينه وبين ربه ، وبهذا يحصل التعاون على البر والتقوى ، وتحصل السلامة مما يفسد العمل ، أو ينقص ثوابه ، والله الموفق ، والهادي إلى سبيل الرشاد ، والله أعلم " انتهى .
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=8762

والله أعلم
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب