الحمد لله.
أولاً :
ما رواه أبو داود (4859) عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنْ الْمَجْلِسِ : ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ ، أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ ) وَقَالَ : ( كَفَّارَةٌ لِمَا يَكُونُ فِي الْمَجْلِسِ ) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعلم الصحابة رضي الله عنهم وفضلهم وشدة اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم يقتضي أن من علم منهم بهذا الحديث كان يعمل به ، ولا نحتاج إلى ثبوت هذا عن كل واحد منهم ، بل الأصل فيهم العمل بالحديث واتباع النبي صلى الله عليه وسلم .
ثانياً :
ورد في قراءة سورة العصر قبل التفرق أثر يدل على أن ذلك كان من هدي الصحابة رضوان الله عليهم .
فعَنْ أَبِي مَدِينَةَ الدَّارِمِيِّ قَالَ : ( كَانَ الرَّجُلانِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا الْتَقَيَا لَمْ يَفْتَرِقَا حَتَّى يَقْرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ : " وَالْعَصْرِ إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ " ، ثُمَّ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ ) رواه أبو داود في "الزهد" (رقم/417) ، والطبراني في "المعجم الأوسط" (5/215) ، والبيهقي في "شعب الإيمان" (6/501) من طريق : حماد بن سلمة ، عن ثابت البناني ، عن أبي مدينة الدارمي به . وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (2648) ، وعلَّق عليه قائلاً :
"وفي هذا الحديث فائدتان مما جرى عليه عمل سلفنا الصالح رضي الله عنهم جميعاً :
أحدهما : التسليم عند الافتراق ....
والأخرى : نستفيدها من التزام الصحابة لها . وهي قراءة سورة (العصر) لأننا نعتقد أنهم أبعد الناس عن أن يحدثوا في الدين عبادة يتقربون بها إلى الله إلا أن يكون ذلك بتوقيف من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً ، أو فعلاً ، أو تقريراً ، ولِمَ لا ؟ وقد أثنى الله تبارك وتعالى عليهم أحسن الثناء ، فقال : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) التوبة/100" انتهى .
والله أعلم .
تعليق