الحمد لله.
التأمين التجاري حرام ، لما فيه من القمار والغرر الفاحش ، فالدافع لشركة التأمين يكون مخاطراً ، إما أن يخسر الأموال التي دفعها ، وإما أن يأخذ أكثر منها ، وهذا هو القمار (الميسر) الذي حرمه الله عز وجل في القرآن : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ) المائدة/90، 91 ، وقد أفتى العلماء المعاصرون بحرمة التأمين التجاري لأنه من أنواع الميسر، فقد جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (15/297 ) :
"أ- لا يجوز للمسلم أن يؤمّن على نفسه ضد المرض ، سواء كان في بلاد إسلامية أم في بلاد الكفار؛ لما في ذلك من الغرر الفاحش والمقامرة.
ب – لا يجوز أن يؤمّن المسلم على النفس أو على أعضاء الجسد كلا أو بعضا ، أو على المال أو الممتلكات أو السيارات أو نحو ذلك ، سواء كان ذلك في بلاد الإسلام أم بلاد الكفار؛ لأن ذلك من أنواع التأمين التجاري ، وهو محرم لاشتماله على الغرر الفاحش والمقامرة" انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "التأمين معناه أن الشخص يدفع إلى الشركة شيئا معلوما شهريا أو سنويا من أجل ضمان الشركة للحادث الذي يكون على الشيء المؤمَّن .
ومن المعلوم أن الدافع للتأمين غارم بكل حال ، أما الشركة فقد تكون غانمة ، وقد تكون غارمة ، بمعنى أن الحادث إذا كان كبيرا أكثر مما دفعه المؤمِّن صارت الشركة غارمة ، وإن كان صغيرا أقل مما دفعه المؤمن أو لم يكن حادث أصلا صارت الشركة غانمة ، والمؤمِّن غارم .
وهذا النوع من العقود أعني العقد الذي يكون الإنسان فيه دائرا بين الغُنْم والغُرْم ، يعتبر من الميسر الذي حرمه الله عز وجل في كتابه ، وقرنه بالخمر وعبادة الأصنام .
وعلى هذا ؛ فهذا النوع من التأمين محرم . ولا أعلم شيئا من التأمين المبني على الغرر يكون جائزا ، بل كله حرام ، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن بيع الغرر)" انتهى نقلا عن "فتاوى علماء البلد الحرام " (ص 652 ، 653) .
وإذا اضطررتم إلى دفع التأمين ثم حصل حادث فيجوز لكم أن تأخذوا من شركة التأمين بمقدار الأقساط التي دفعتموها ، وما زاد عنها فلا تأخذوه ، فإن ألزموكم بأخذه فإنك تتبرعون به في أوجه الخير .
والله أعلم .
تعليق