الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

زوجته تعصيه وتغضبه وترفع صوتها عليه

125374

تاريخ النشر : 08-11-2008

المشاهدات : 589748

السؤال

أنا رجل متزوج وزوجتي لا تطيعني ولا تحترمني وترفع صوتها علي . وعندما أمنعها من زيارة أهلها بحجة انشغالي بصلاة التراويح أو بالعمل تقيم الدنيا وتغضب لأتفه الأسباب وأهلها يشجعونها على ذلك بحجة أنني معقد لسبب بسيط هو أنني ألزمتها ارتداء الحجاب وأمنعها من التبرج والتعطر عند الخروج...إلخ من المحرمات وعندما أهجرها أو أغضب تشتكي لأهلها الذين يزيدون الطين بلة وتذهب إليهم مرارا وتكرارا وتبيت دون إذني بحجة أنها غاضبة.. فهل أطلقها أم أمسكها واصبر وهل أنا مأجور على صبري أم أنه انتقل من الصبر إلى الذل والمساس بالكرامة؟ وهل الطلاق في هذه الحالة مستحب أم واجب؟ أرجو التوضيح.

الجواب

الحمد لله.


أولا :
الواجب على كل من الزوجين معاملة الآخر بالمعروف ، كما قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19
، وقال : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ  ) البقرة/228،
ويجب على الزوجة خاصة أن تطيع زوجها وأن تمتثل أمره ، وألا تخرج من بيته إلا بإذنه ، وأن تعلم أن حق الزوج عليها عظيم ، وأن طاعته مقدمة على طاعة أبيها وأمها .
قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ , لأَمَرْت النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لأَزْوَاجِهِنَّ ; لِمَا جَعَلَ اللَّهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ الْحَقِّ ) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لو أمرتُ أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرتُ المرأة أن تسجد لزوجها من عِظَم حقِّه ، ولا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها ، ولو سألها نفسها وهي على ظهر قَتَب ) .
قال الهيثمي : رواه بتمامه البزار وأحمد باختصار ورجاله رجال الصحيح . "مجمع الزوائد" (4/309) .
و(القَتَب) هو ما يوضع على البعير تحت الراكب .
وقال صلى الله عليه وسلم : ( إذا صلت المرأة خمسها ، وصامت شهرها ، وحصنت فرجها، وأطاعت زوجها قيل لها : ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت ) رواه ابن حبان ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم 660 .
فقرن صلى الله عليه وسلم بين طاعة الزوج وأداء الصلاة والصوم وحفظ الفرج ، وهذا دليل على عظم شأن طاعة المرأة زوجها .
ومما يدل على اشتراط إذن الزوج في الخروج حتى لزيارة الأهل : ما جاء في الصحيحين في قصة الإفك ، وقول عائشة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم : ( أتأذن لي أن آتي أبوي ) رواه البخاري (4141) ومسلم (2770).
قال العراقي في "طرح التثريب" (8/58) : " وقولها : (أتأذن لي أن آتي أبوي) فيه أن الزوجة لا تذهب إلى بيت أبويها إلا بإذن زوجها " انتهى.
ثانيا :
إذا كانت الزوجة تعصي زوجها ، ولا تحترمه ، وترفع صوتها عليه ، فهي عاصية لربها ، ناشزة عن حق زوجها ، وقد أرشد الله تعالى إلى علاج النشوز بقوله : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا . وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) النساء/34، 35 .
فعليك أن تبدأ بوعظها ونصحها ، وبيان خطئها ، وإن استعنت بمن يبين ذلك من امرأة صالحة ، أو بواسطة شريط ونحوه ، فحسن .
فإن لم يُجد الوعظ ، كان الهجر ، ثم الضرب غير المبرح ، ثم الاستعانة بصالحي أهلك وأهلها ، ليحكموا بينكما .
ثالثا :
إذا أصرت الزوجة على النشوز ، فإن القول في طلاقها أو إمساكها ، يتوقف على المصالح والمفاسد التي تنتج عن ذلك ، ويختلف باختلاف حال الزوج وحال أولاده إن وجدوا ، وعلى الزوج أن يفكر في ذلك مليا ، وأن يستشير من أهل الصلاح والرشد من يعرف حاله معرفة جيدة ليشير عليه بما ينفعه .
رابعا :
إذا اخترت إمساك زوجتك ، وصبرت عليها فأنت مأجور إن شاء الله ، قال الله تعالى : (فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء/ 19، ولن تجني من الصبر إلا خيرا ، فإن الله تعالى مع الصابرين ، وقد وعدهم بأحسن الجزاء ، مع حسن العاقبة.
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ) البقرة/153 ، وقال سبحانه : ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ) الزمر/10 ، وقال : ( فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ) هود/49 ، وقال : ( إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ) يوسف/90
ولكن ينبغي أن تعلم أن الصبر وكظم الغيظ والعفو عن المسيء ، لا يعني الذل والضعف ، والفرق بين المقامين لا يخفى على كثير من الناس ، فينبغي أن ترى الزوجة من زوجها قدرته على فراقها والاستغناء عنها ، وعلى مقابلة السيئة بالسيئة ، إلا أنه يدع ذلك لله تعالى رغبة فيما عنده من الأجر . فسكوته ليس سكوت العاجز ، وتمسكه بها ليس تمسك الضعيف ، وهذا ينبغي أن يصحبه الوصية بتقوى الله تعالى ، والحذر من اتباع خطوات الشيطان الحريص على التفريق والإفساد ، فيقول الزوج لزوجته : اتقي الله تعالى ، ولا تكوني عونا للشيطان علي ، فربما فارقتُ حلمي فرددت إساءتك بمثلها ، وربما خرجتِ دون إذني فدعاني ذلك إلى تركك بالكلية ، ونحو هذا الكلام الذي تعلم منه الزوجة أن الزوج قادر على تنفيذ ما يتكلم به ، لولا حرصه على زوجته وعلى بيته وأسرته .
ونوصيك بالدعاء أن يهدي الله زوجتك ويصلح حالها .
نسأل الله تعالى لكما التوفيق والسداد والرشاد .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب