الحمد لله.
"الإلحاد في اللغة : هو المَيْل ، ومنه قول الله تعالى : (لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ) النحل/103 ، ومنه : اللَّحْد في القبر ، فإنه سُمِّيَ لحدًا لميله إلى جانب منه ، ولا يُعرف الإلحاد إلا بمعرفة الاستقامة ؛ لأنه كما قيل : بضدها تتبين الأشياء . فالاستقامة في باب أسماء الله وصفاته أن نجري هذه الأسماء والصفات على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل ، من غير تحريف ، ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ، على القاعدة التي يمشي عليها أهل السنة والجماعة في هذا الباب ، فإذا عرفنا الاستقامة في هذا الباب فإن خلاف الاستقامة هو الإلحاد ، وقد ذكر أهل العلم للإلحاد في أسماء الله تعالى أنواعاً يجمعها أن نقول : هو الميل بها عما يجب اعتقاده فيها . وهو على أنواع :
النوع الأول : إنكار شيء من الأسماء ، أو مما دلت عليه من الصفات ، ومثاله :- من ينكر أن اسم الرحمن من أسماء الله تعالى كما فعل أهل الجاهلية .
أو يثبت الأسماء ، ولكن ينكر ما تضمنته من الصفات ، كما يقول بعض المبتدعة : إن الله تعالى رحيم بلا رحمة ، وسميع بلا سمع .
النوع الثاني : أن يسمى الله سبحانه وتعالى بما لم يسم نفسه .
ووجه كونه إلحاداً : أن أسماء الله سبحانه وتعالى توقيفية ، فلا يحل لأحد أن يسمي الله تعالى باسم لم يسم به نفسه ؛ لأن هذا من القول على الله بلا عِلْم ، ومن العدوان في حق الله عز وجل ، وذلك كما فعل بعض الفلاسفة فسموا الإله بالعلة الفاعلة ، وكما فعل النصارى فسموا الله تعالى باسم الأب ونحو ذلك .
النوع الثالث : أن يعتقد أن هذه الأسماء دالة على أوصاف المخلوقين فيجعلها دالة على التمثيل.
ووجه كونه إلحاداً : أن من اعتقد أن أسماء الله سبحانه وتعالى دالة على تمثيل الله بخلقه . فقد أخرجها عن مدلولها ومال بها عن الاستقامة ، وجعل كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم دالاً على الكفر ، لأن تمثيل الله بخلقه كفر ، لكونه تكذيباً لقوله تعالى : (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) الشورى/11 ، ولقوله : (هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً) مريم/65 . قال نعيم بن حماد الخزاعي شيخ البخاري رحمها الله : "من شبه الله بخلقه فقد كفر ، ومن جحد ما وصف الله به نفسه فقد كفر ، وليس فيما وصف الله به نفسه تشبيه" .
النوع الرابع : أنه يشتق من أسماء الله تعالى أسماء الأصنام ، كاشتقاق اللات من الإله ، والعُزَّى من العزيز ، ومَنَاة من المّنَّان" انتهى .
فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله .
"فتاوى العقيدة" (صـ 44) .
تعليق