الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

أحكام اللقيط

13718

تاريخ النشر : 23-05-2001

المشاهدات : 42575

السؤال

ما العمل إذا وجد الإنسان طفلاً ضائعاً ؟.

الجواب

الحمد لله.

أحكام اللقيط لها علاقة كبيرة بأحكام اللقطة ، إذ اللقطة تختص بالأموال الضائعة ، واللقيط هو الإنسان الضائع ، مما به يظهر شمول أحكام الإسلام لكل متطلبات الحياة ، وسبقه في كل مجال حيوي مفيد ، على نحو يفوق ما تعارف عليه عالم اليوم من إقامة دور الحضانة و الملاجئ للحفاظ على الأيتام ومن لا عائل لهم من الأطفال و العجزة ، ومن ذلك عناية الإسلام بأمر اللقيط ، وهو الطفل الذي يوجد منبوذاً أو يضل عن أهله ولا يعرف نسبة في الحالين .

فيجب على من وجده على تلك الحال أن يأخذه وجوباً كفائياً ، إذا قام به من يكفي ، سقط الإثم عن الباقين ، وإن تركه الكل ، أثموا ، مع إمكان أخذهم له لقوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) ، فعموم الآية يدل على وجوب أخذ اللقيط ، لأنه من التعاون على البر والتقوى ، ولأن في أخذه إحياء لنفسه ، فكان واجباً كإطعامه عند الضرورة وإنجائه من الغرق .

واللقيط حر في جميع الأحكام ، لأن الحرية هي الأصل ، والرق عارض ، فإذا لم يعلم ، فالأصل عدمه .

وما وجد معه من المال أو وجد حوله ، فهو له ، عملاً بالظاهر ، ولأن يده عليه ، فينفق عليه منه ملتقطه بالمعروف ، لولايته عليه ، وإن لم يوجد معه شيء ، أنفق عليه من بيت المال ، لقول عمر رضي الله عنه للذي أخذ اللقيط لما وجده : ( اذهب ، فهو حر ، ولك ولاؤه ، وعلينا نفقته ) ، ومعنى ولاؤه : ولايته ، وقوله : ( وعلينا نفقته ) ، يعني : من بيت مال المسلمين .

وفي لفظ إن عمر رضي الله عنه قال : ( وعلينا رضاعه ) ، يعني : في بيت المال ، فلا يجب على الملتقط الإنفاق عليه ولا الرضاعة ، بل يجب ذلك في بيت المال فإن تعذر ، وجبت نفقته على من علم  من المسلمين ، لقوله تعالى : ( وتعاونوا على البر والتقوى ) ، ولما في ترك الإنفاق عليه من هلاكه ، ولأن الإنفاق عليه من باب المواساة ، كقرى الضيف .

وحكمه من ناحية الدين ، أنه إن وجد في دار الإسلام أو في بلاد كفار يكثر فيها المسلمون ، فهو مسلم  ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل مولود يولد على الفطرة ) ، وإن وجد في بلد كفار خالصة ، أو يقل فيها عدد المسلمين ، فهو كافر تبعاً للدار . وحضانته تكون لواجده إذا كان أميناً ، لأن عمر رضي الله عنه أقر اللقيط في يد أبي جميلة حين علم أنه رجل صالح ، قال : ( لك ولاؤه ) ، أي: ولايته ولسبقه إليه ، فكان أولى به .

وينفق عليه واجده مما وجد معه من نقد أو غيره ، لأنه وليه ، وينفق عليه بالمعروف .

فإن كان واجده لا يصلح لحضانته ، لكونه فاسقاً أو كافراً واللقيط مسلم ، لم يقر بيده ، لانتفاء ولاية الفاسق وولاية الكافر على المسلم ، لأنه يفتنه عن دينه وكذلك لا تقر حاضنته بيد واجده إذا كان بدوياً يتنقل في المواضع ، لأن في ذلك إتعابا ًللصبي ، فيؤخذ منه ويدفع إلى المستقر في البلد ، لأن مقام الطفل في الحضر اصلح له في دينه ودنياه ، وأحرى للعثور على أهله ومعرفة نسبه .

وميراث اللقيط إذا مات وديته إذا جني عليه بما يوجب الدية يكونان لبيت المال إذا لم يكن له من يرثه من ولده ، وإن كان له زوجة ، فلها الربع .

ووليه في  القتل العمد العدوان الإمام ، لأن المسلمين يرثونه ، والإمام ينوب عنهم ، فيخير بين القصاص والدية لبيت المال ، لأنه ولي من لا ولي له .

وإن جني عليه فيما دون النفس عمداً ، انتظر بلوغه ورشده ليقتص عند ذلك أو يعفو .

وإن أقر رجل أو أقرت امرأة بأن اللقيط ولده أو ولدها ، لحق به ، لأن في ذلك مصلحة له باتصال نسبه ، ولا مضرة على غيره فيه ، بشرط أن ينفرد بادعائه نسبه ، وأن يمكن كونه منه ، وإن ادعاه جماعة ، قدم ذو البينة ، وإن لم يكن لأحد منهم بينة ، أو كانت لهم بينات متعارضة ، عرض معهم على القافة ، فمن  ألحقته القافة به ، لحقه ، لقضاء عمر رضي الله عنه بذلك بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ، والقافة قوم يعرفون الأنساب بالشبه ، ويكفي قائف واحد ، ويشترط فيه أن يكون ذكراً عدلاً مجرباً في الإصابة .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: من فتاوى الملخص الفقهي للشيخ صالح آل فوزان ص 155