الحمد لله.
أولاً:
لا يشك عاقل ما في بلاد الغرب من خطر على دين وخلُق من يعيش بين أظهر أهلها ، ومدارسهم التي يرتادها الطلاب تحتوي على أخطار عظيمة على الطلاب والطالبات الذين يفتقدون الوقاية لدينهم من تلك الأخطار الداهمة في تلك المدارس ، وإن نسب الجرائم والشجارات والممارسات الجنسية والتحرش بالفتيات في تلك المدارس قد ملأت السمع والبصر ، وجعلت كثيرين يبحثون عن النجاة من تلك المخاطر ، فكان منهم البحث عن مدارس تخلو من تلك المعاصي والآفات ، فوجدوا ضالتهم في " المدارس الإسلامية " ، وكلما كانت تلك المدارس تطبق الأحكام الشرعية أكثر ، كان الخلو من تلك الآفات والمعاصي أكثر ، وإنما نقول هذا لأننا قد نجد مدارس إسلامية بالاسم لا بالواقع .
ثانياً:
المشاهد المعلوم أن الطالب الذي يتعلم في مراكز تحفيظ القرآن ، أو المدارس الإسلامية ، ويكون قد حظي بإدارة ناجحة تقود تلك المدارس والمراكز : نجده على خلق عظيم ، وتربية طيبة ، وعلم قوي ، وثقافة واسعة ، وكل ذلك يدعو إليه الإسلام ويحث عليه ، ومما يدل على ذلك وجود النوابغ المبهرة من المسلمين المستقيمين على الطاعة في شتى العلوم قديماً وحديثاً ، ولم يكن في الإسلام البتة فصل بين الدين والعلم ، ولا بين الدين والثقافة ، فأول آيات أنزلها الله تعالى على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بدأت بـ ( اقرأ ) وفيها ذكر ( القلم ) ، فقال تعالى ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ . الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ) القلم/ 1 – 5 .
قال الدكتور عبد الرحمن الجمهور – وفقه الله - رئيس قسم اللغة الإنجليزية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ومستشار مؤسسة مناهج "أمريكا" - :
وتقوم المدارس الإسلامية في الغرب على ثوابت وأهداف عليا تتمثل في :
1. تعليم أبناء المسلمين أمور دينهم .
2. ترسيخ القيم والأخلاق الإسلامية الكريمة .
3. حفظ أبناء المسلمين من الذوبان في الثقافات الغربية .
4. إمداد الطالب المسلم بتعليم أكاديمي رفيع المستوى .
5. تمثيل المسلمين في المجتمعات الغربية .
" مجلة البيان " العدد ( 173) .
فالوصية لكل مسلم أن يحرص على النجاة من بلاد الكفر متى استطاع إلى ذلك سبيلاً ، ومن ومن اضطر إلى البقاء في المجتمعات الكافرة ، فليتق الله تعالى في نفسه وفي ذريته ، وليجنبهم أماكن السوء من مدارس ومراكز ، وليحذرهم من صحبة الأشرار والمفسدين ، وليبذل كل ما في وسعه لتقديم الخير لهم بحسن اختيار المسكن ، والصحبة ، والجيران ، والمدرسة ، ونعيد التوكيد على أهمية اختيار المدرسة الإسلامية التي تعلِّم العلم النافع وتربي التربية الفاضلة ، ولا يستمع لكلام المغرضين الذين يسيئون لهذه المدارس فإنهم واقعون في الشر في أنفسهم ويريدون لغيرهم أن يفعلوا مثل فعلهم ، ولو فُرض ضعف المدرسة الإسلامية من الناحية العلمية ، مع أن هذا غير صحيح من حيث الإطلاق ، فيكفي أولياء الأمور أنهم يحافظون على دين أبنائهم ، ولغة قرآنهم ، وهذا مكسب كبير لمن كان يعظم دين الله ، ولمن كان يعنيه الحفاظ على أبنائه وذريته.
ومما ينبغي أن يُعلم أن المدرسة الإسلامية وحدها لا تكفي لتعليم وتربية أولاد المسلمين ، بل إن للمسجد دوراً مهمّاً ، وللبيت دوراً رئيساً ، فبهذه المنظومة المتكاملة يكون عندنا ـ بتوفيق الله ـ جيل إسلامي تربى على دينه ، يتخلق بأخلاق الإسلام – والحياء من أعلى أخلاق الإسلام – ويتربى على حب دينه وتعظيم شرع ربه تعالى .
ولا يمكن لمدرسة إسلامية أن يكون أحد من طلبتها منغلقاً على نفسه وهي تقوم على العمل الجماعي في الدراسة ، والصلاة ، كما يكون في برامجها الرياضة الجماعية ، والعمل المختبري الجماعي ، كما أن بعضها يعلِّم الطلبة فن الإلقاء ليكون مدرساً أو خطيباً أو داعية ، فأين الانغلاق في بيئة يؤمها مئات الطلبة ؟! وأين الانغلاق في صف فيه العشرات من الطلبة ؟! .
وإن اندماج المسلم في البيئة التي حوله من غير المسلمين ليس خيراً حتى تحرصي على وجوده في أولادك ، بل هو شر خالص ، أو غالب ، ولا نعني أن نطالب المسلمين بالانعزال التام والانطواء ، إنما ندعو للحفاظ على المسلم في سن المراهقة من الاختلاط المفسد ، وندعو للحفاظ على من هو أصغر منهم لئلا يتربى على عادات سيئة ، كما ندعو من تعدى سن المراهقة أن يتجنب مواطن الفتن في عمله ومسكنه ، والمهم في كل ذلك أن يكون مسلماً مستقيماً على طاعة ربه تعالى ، يختلط بالمجتمع الصالح بقوة ، ويتجنب المجتمع الفاسد بحكمة ، وما اضطر إليه من الاختلاط ، فليكن بقدر ضرورته أو حاجته . .
وينظر : جواب السؤال رقم ( 4237 ) ففيه بيان كيفية المحافظة على الأولاد ، وأفكارهم ، في الغرب .
ونسأل الله تعالى أن يعينكم على تحقيق ما فيه خير لدينكم ودنياكم ، وأن يوفقكم لما فيه مرضاة ربكم تعالى ، وأن يعينكم على تربية أولادكم والعناية بهم .
والله أعلم
تعليق