الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

يصلون في مكاتبهم ، فهل يجمعون بين الصلاتين عند نزول المطر ؟

146853

تاريخ النشر : 28-05-2010

المشاهدات : 58979

السؤال

مجموعة من الرجال كانوا مجتمعين في مكان (مكتب) وأرادوا أن يصلوا المغرب جماعة : وعند الفراغ من صلاة المغرب : أراد بعضهم أن يصلي العشاء جماعة جمعا مع صلاة المغرب ؛ لأن الطقس كان ماطرا ، فقال أحدهم : هذا الجمع لا يصح ؛ لأن الجمع لا بد أن يكون في المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة ، وليس في أي جماعة يحسن الجمع ؟ ما الرأي في فعل هؤلاء ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :

يجب على من سمع الأذان أن يبادر إلى الصلاة في المسجد ؛ لما روى مسلم (653) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ أَعْمَى ، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّهُ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ ، فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ فَرَخَّصَ لَهُ ، فَلَمَّا وَلَّى دَعَاهُ ، فَقَالَ : ( هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ . قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَأَجِبْ ) .

وينظر للفائدة حكم الصلاة في مقر العمل ، كما في جواب السؤال رقم : (74978) .

ثانياً :

يجوز الجمع بين المغرب والعشاء عند نزول المطر في مذهب جمهور العلماء رحمهم الله .

جاء في الموسوعة الفقهية (15/290 - 291) : " ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر المبلل للثياب والثلج والبرد ؛ لما في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر والعصر جميعا والمغرب والعشاء جميعا ) ، وزاد مسلم : (من غير خوف ولا سفر ) ، قال كل من الإمام مالك والشافعي رحمهما الله : أرى ذلك بعذر المطر ، ولأنه ثبت أن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم كانا يجمعان بسبب المطر " انتهى .

ثالثاً :

اختلف العلماء رحمهم الله : متى يجوز الجمع بين العشاءين عند نزول المطر ، على قولين :

القول الأول : يجوز الجمع مطلقاً سواء وُجدت المشقة ، أم لم تُوجد ، وسواء كان ذلك في المسجد أم في البيت ، وهو المذهب عند الحنابلة .

قال المرداوي رحمه الله : " قوله ( وهل يجوز "أي : الجمع" لمن يصلي في بيته , أو في مسجدٍ طريقه تحت ساباط ) ؟ ( على وجهين ) ...... , أحدهما : يجوز ، وهو المذهب " انتهى من "الإنصاف" (2/340) . والساباط هو : السقف .

وقال البهوتي رحمه الله : " فيباح الجمع مع هذه الأعذار ( حتى لمن يصلي في بيته , أو ) يصلي ( في مسجد طريقه تحت ساباط ولمقيم في المسجد ونحوه ) ، كمن بينه وبين المسجد خطوات يسيرة ، ( ولو لم ينله إلا يسير ) ؛ لأن الرخصة العامة يستوي فيها وجود المشقة وعدمها كالسفر " انتهى من "كشاف القناع" (2/8) . 

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (15/292) : "والأرجح عند الحنابلة : أن الرخصة عامة ، فلا فرق بين من يصلي جماعة في مسجد ، وبين غيره ممن يصلي في غير مسجد أو منفردا ; لأنه قد روي : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المطر وليس بين حجرته والمسجد شيء ) ، ولأن العذر إذا وجد استوى فيه وجود المشقة وغيره " انتهى .

القول الثاني : لا يجوز الجمع بين الصلاتين ، إلا عند وجود المشقة والأذى ، وهو المذهب عند الشافعية .

قال الإمام الشافعي رحمه الله : " وَيَجْمَعُ مِنْ قَلِيلِ الْمَطَرِ وَكَثِيرِهِ ، وَلَا يَجْمَعُ إلَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إلَى مَسْجِدٍ يَجْمَعُ فِيهِ , قَرُبَ الْمَسْجِدُ , أَوْ كَثُرَ أَهْلُهُ , أَوْ قَلُّوا , أَوْ بَعُدُوا ، وَلَا يَجْمَعُ أَحَدٌ فِي بَيْتِهِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَالْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ مُخَالِفُ الْمُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ " انتهى من "الأم" (1/95) .

وقال الشربيني رحمه الله : " والأظهر - وفي الروضة : الأصح - تخصيص الرخصة بالمصلي جماعة ، بِمُصّلَّى ، بمسجد أو غيره ، بعيد عن باب داره عرفا ، بحيث يتأذى بالمطر في طريقه إليه ، نظرا إلى المشقة وعدمها , بخلاف من يصلي ببيته منفردا أو جماعة ، أو يمشي إلى المصلى في كنٍّ ، أو كان المصلى قريبا : فلا يجمع ؛ لانتفاء التأذي " انتهى من "مغني المحتاج" (1/535) .

رابعاً :

بناءاً على الخلاف السابق ، فعلى رأي الحنابلة صلاتكم صحيحة ؛ لأنهم لا يشترطون المسجد لصحة الجمع ، وأيضاً لا يشترطون وجود المشقة .

أما على رأي الشافعية ، فإنهم لا يرون جواز الجمع لمن هو في مثل حالتكم ؛ لأنهم يشترطون لجواز الجمع وجود المشقة ، والغالب على من يصلي في مقر عمله أنه تنتفي عنه المشقة .

وينظر جواب السؤال رقم (31172) .

على أن من جمع قبل ذلك : فلا حرج عليه ، إن شاء الله ، ولا يؤمر بإعادة صلاته ، مراعاة  لقول من رخص في ذلك من أهل العلم .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب