السبت 2 ربيع الآخر 1446 - 5 اكتوبر 2024
العربية

فتاة تريد اعتناق الإسلام ولكنها تخاف أذية أهلها.

السؤال


هناك فتاة تدين بديانة غير سماوية ، وهي مقتنعة بالإسلام ، إلا أنها لا تجرؤ خوفا من والدها الذي يمارس الضغط والإيذاء لأخيها المسلم ، وإن أسلمت فستكون مضطرة لإخفاء إسلامها ، وعدم الحجاب ، لأنه في حال فعلت هذا فقد تتعرض وأهلها للإيذاء من قبل الناس ، وفي حال إسلامها فلن تتمكن من الزواج بأحد من المجتمع المحيط بها لعدم إسلامهم ، وبنفس الوقت فإن مجتمعهم وأهلها لا يتقبلون زواجها من رجل من خارج الإطار المحيط بهم .

فما نصيحتكم بخصوص هذه القضية ؟

الجواب

الحمد لله.


ينبغي إقناع هذه الفتاة بأهمية التعجيل والإسراع باعتناق هذا الدين العظيم الذي لا يرتضي الله من أحد سواه ، فإن الإنسان لا يدري ما يعرض له ، والموت على الكفر خسارة الدنيا والآخرة ، بل البقاء لحظة على الكفر هو قمة الخسارة والبعد والحرمان ، فهنيئا لهذه الفتاة قناعتها بالإسلام ، ولتعجل ولتبادر بشهادة ألا إله إلا الله محمد رسول الله ، ولا تلتفت للهواجس والظنون ، فإن هذا الدين العظيم لا يكلف أتباعه بما هو فوق الوسع والطاقة ، قال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/286 ، وقال سبحانه : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 ، وقال تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185 .
فإذا أسلمت وخشيت من إيذاء أهلها ، أخفت إسلامها حتى يجعل الله لها فرجا ومخرجا ، ولا حرج عليها حينئذ في ترك الحجاب ، وترك ما لا يمكنها القيام به من واجبات الدين ، وتصلي سرا ، ولا تترك الصلاة بحال من الأحوال ، وتصوم إن استطاعت إخفاء صومها ، وتفطر عند خشية افتضاح أمرها ، وتقضي خلال السنة ، وينبغي أن توقن بأن الله تعالى جاعل لها فرجا ومخرجا ، فإن الله لا يضيع عباده ، ولا يترك أحبابه ، وقد قال : ( أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ) الزمر/36 .
وأما الزواج : فإنها ترفض الزواج من غير المسلم ، وتتعلل في ذلك بما يناسب من الأسباب ، وتنتظر الفرج من الله ، فلعل الله أن يهدي أهلها ، أو تجد مسلما تتزوجه ويهاجر بها بعيدا عن بلدها ، أو غير ذلك مما ييسره الله لها .
ومهما كان من أمر ، فإنه لا يجوز البقاء على الكفر بحال ، ولا يجوز تأخير الإسلام لعذر من الأعذار ، بل تدخل الإسلام ، وتفعل ما يمكنها ، وتبذل ما في وسعها ، وتؤثر الدين على الدنيا ، وتعلم أنها ليست أول من يعاني أو يضحي في سبيل دينه ومرضاة ربه ، فهذه طريق مسلوكة ، سار فيها كثير من الصالحات منذ كان الإسلام وإلى اليوم ، تضحي المرأة بمالها وجاهها وأسرتها ، بل بنفسها ، في سبيل دينها الذي آمنت به. وقد ضرب الله لنا المثل بأصحاب الأخدود الذي آثروا الآخرة على الدنيا ، وضحوا بأنفسهم رخيصة في سبيل الله ، وضرب لنا المثل بسحرة فرعون الذين هانت في أعينهم ملاذ الدنيا ومناصبها ، وآثروا الجنة والمغفرة على ما فيها ، فكانوا أول النهار كفرة فجرة ، وفي آخره تقاة برره ، وقالوا لفرعون : ( لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا . إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى . إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى . وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى . جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ) طه/72- 76 .

فاللهم اهد هذه الفتاة ، وخذ بناصيتها إليك ، واحفظها بحفظك ، واكلأها برعايتك ، ونجها وأخاها من القوم الظالمين .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب