الأحد 2 جمادى الأولى 1446 - 3 نوفمبر 2024
العربية

حكم التضحية بمقطوعة الذيل أو الإلية ، وما الحكم إذا لم يجد أضحية سليمة ؟

السؤال


لقد قرأت الإجابة على الفتوى رقم 37039، ولكن هنا في جنوب أفريقيا نعتمد على غير المسلمين في الحصول على حيوانات الأضحية ، ولقد اعتاد هؤلاء المزارعون على قطع ذيول الحيوانات أثناء صغرها ؛ لكي تسمن هذه الحيوانات ، ولذلك يصعب علينا أن نجد الحيوانات التي لم تقطع أذيالها، فهل يجوز لنا شراء هذه الحيوانات والتضحية بها. جزاكم الله خيرا

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
لا بد من التفريق بين مقطوع الذيل ومقطوع الإلية من الأضاحي ، فإن قطع الذيل لا يؤثر على صحة الأضحية ، بخلاف قطع الإلية ، على أرجح أقوال العلماء .
قال ابن قدامة المقدسي : " وَتُجْزِئُ الْبَتْرَاءُ ، وَهِيَ الَّتِي لَا ذَنَبَ لَهَا ، سَوَاءٌ كَانَ خِلْقَةً ، أَوْ مَقْطُوعًا ...لأَنَّ هَذَا نَقْصٌ لَا يَنْقُصُ اللَّحْمَ ، وَلَا يُخِلُّ بِالْمَقْصُودِ ، وَلَمْ يَرِدْ بِهِ نَهْيٌ ". انتهى " المغني " (13/372) بتصرف .
وقال : " وَلَا تُجْزِئُ مَا قُطِعَ مِنْهَا عُضْوٌ ، كَالْأَلْيَةِ ". انتهى ، " المغني " (13/371) .
وقال الشيخ ابن عثيمين : " البتراء التي لا ذنب لها خلقة أو مقطوعاً : تُجزئ ... ، أما مقطوع الإلية فإنه لا يُجزئ ؛ لأن الإلية ذات قيمة ، ومرادة مقصودة .
وعلى هذا فالضأن إذا قطعت إليته لا يجزئ ، والمعز إذا قطع ذنبه يجزئ ". انتهى ، " الشرح الممتع " (7/435).
وقال أيضاً : " فأما مجبوبة الإلية فقد قال العلماء : إنها لا تجزئ ؛ لأن الإلية عضو نافع مقصود ، بخلاف الذيل في المعز والبقر والإبل ، فإنه غير مقصود ، فلهذا يقطع ويرمى به ، ومثل ذلك ذيل الغنم الأسترالية فإنه ليس كالإلية ، وإنما هو كالذيل من البقر ، ليس فيه شيء مقصود ، فتجزئ الأضحية في الغنم الأسترالية ؛ لأن ذيلها المقطوع لا يساوي شيئاً ". انتهى ، "جلسات الحج" ص 108.
وقد سبق نقل فتوى اللجنة الدائمة في عدم جواز التضحية بمقطوع الإلية ، في جواب السؤال (37039).
ثانياً :
الواجب عليك الاجتهاد في البحث عن أضحية غير مقطوعة الإلية ، ولا يجزؤك التضحية بشاة مقطوعة الإلية ما دام بالإمكان الحصول على شاةٍ سليمة من كل العيوب .
فإن لم تتمكن من الحصول على شاة سليمة ، فالمشروع هنا الانتقال إلى نوع آخر من بهيمة الأنعام التي تجزئ في الأضاحي ، فتتركوا هذه الشياه المعيبة ، وتضحون بالماعز ، إن وجدتموه سليما من العيوب , أو تضحون بالبقر (ومثله الجاموس) ، أو الإبل ؛ فيشترك كل سبعة منكم في بقرة ، أو ناقة ، ومن شاء أن يتطوع فيذبح بقرة ، أو ناقة بمفرده ، فله ذلك ، وإن اشترك أقل من سبعة فيها فلهم ذلك ، لكن لا يشترك أكثر من سبعة في بقرة أو ناقة واحدة .
أما إذا تعذر الحصول على شاة غير مقطوعة الإلية ، لكون جميع الشياه المتوفرة في البلد هي بهذا الوصف ، ولم يمكنكم أن تذبحوا غيرها من بهيمة الأنعام ـ على ما سبق بيانه ـ فالذي يظهر في هذه الحال إجزاء التضحية بها ، خاصة إذا كان أصحاب الغنم يفعلون بها ذلك لأجل مصلحتها ، ولا يعدون ذلك عيبا ينقص من قدرها ؛ لأن القول بالمنع في هذه الحال سيترتب عليه تعطيل شعيرة من شعائر الإسلام .
ومصلحة إظهار شعيرة الأضحية أعظم من مفسدة التضحية بأضحية معيبة ، والقاعدة المقرَّرة عند العلماء : " الميسور لا يسقط بالمعسور ".

أي إن الشيء الذي لا يتيسر فعله على الوجه المطلوب ، بل يتيسر فعل بعضه ، لا يسقط ، بل يفعل منه المقدور عليه .
وهذه القاعدة مستنبطة من قوله صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ ، فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ، رواه البخاري (7288) ، ومسلم (1337) ، وينظر: " الأشباه والنظائر" للسيوطي ص 159.
وقال العز بن عبد السلام : " "من كُلّف بشيء من الطاعات فقدر على بعضه ، وعجز عن بعضه ، فإنه يأتي بما قدر عليه ، ويسقط عنه ما عجز عنه". انتهى ، " قواعد الأحكام" (2/7).
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب