الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

التعليق على دعاء " اجتهدتُ في فعل المعاصي مستتراً فاجتهدتَ أنت ربي في ستري "

170599

تاريخ النشر : 13-07-2011

المشاهدات : 9731

السؤال

كنت أدعو بدعاء وقال لي أصدقائي إن هذا الدعاء حرام ، فأرجو معرفة إذا كان حراماً أم لا: " اجتهدتُ في فعل المعاصي مستتراً فاجتهدتَ أنت ربي في ستري " ! .

الجواب

الحمد لله.


من فضل الله تعالى على المسلم أن جعله في سعة من أمره في شأن الدعاء ؛ فهناك أدعية في القرآن من أدعية الأنبياء والمرسلين قليلة المباني عظيمة المعاني ، وهناك أدعية في السنَّة المشرفة من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم ، كما أن هناك أدعية جليلة للصحابة الكرام والتابعين الأجلاء والعلماء الأفاضل ، وهي مجموعة في كتب كثيرة ، كما أنها مبثوثة في سيرهم العطرة ، فلا ندري ما الحاجة لأن يَخرج علينا من يخترع ألفاظاً في أدعيته لربه تعالى ولا يكتفي بأن يذكرها بينه وبين ربِّه حتى يشيعها بين الناس في مواقع الإنترنت وغيرها ، والمطلع على المواقع الإلكترونية يجد من هذا شيئاً كثيراً ، وغالبه عليه ملاحظات شرعية ؛ والسبب في ذلك أن من يكتب ذلك في الأصل ليسوا من أهل العلم ولا طلبته .
ومن الأمثلة على ما نقوله ما انتشر في كثير من المواقع الإلكترونية من دعاء فيه تكلف واضح ، وفيه جملة غاية في الشناعة والبشاعة ، وهي التي ذكرها الأخ السائل ، ويكمن خطؤها في وجهين :
الأول : المشاكلة في اللفظ بين اجتهاد العبد المخلوق العاصي واجتهاد الرب الخالق الغفور ، وهذا غير لائق بالداعي أن يفعله ، ففيه انتقاص من قدر الرب عز وجل .
الثاني : إثباته " الاجتهاد " لله تعالى ! وهو لفظ قبيح نسبته للرب تعالى ، فاللفظ يدل على بذل مجهود وطاقة ، وهذا محال في حق الله تعالى الذي أخبر عن نفسه أنه خلق السموات والأرض وما بينها وما مسَّه من لغوب – أي : تعب - ، قال الله تعالى ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ ) ق/ 38 ، وهذا النفي للتعب والإعياء منفي عن الله تعالى مطلقاً وإنما ذكره هنا بعد خلقه السموات والأرض وما بينهما لدفع الإيهام وللرد على من أثبت له ذلك من اليهود ، وهذا النفي للتعب والإعياء يدل على كمال قدرته عزَّ وجلَّ .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - : " واعلم أن الصفات المنفية لا يراد بها مجرد النفي ؛ وإنما يراد بها مع النفي : ضدها ، فإذا قال الله تعالى عن نفسه ( وَما مَسَّنا مِنْ لُغُوبٍ فالمراد : نفي اللغوب ، وإثبات كمال قوته وقدرته " انتهى من " تفسير سورة البقرة " ( 2 / 132 ) .
وإذا كان يصح أن يقال عن العبد العاصي إنه " اجتهد " في المعصية فكيف يطيب للعبد أن يقول لربِّه تعالى إنه " اجتهد " في سترها وهو قادر – سبحانه – على سترها بل ومغفرتها وتبديلها بحسنات بكلمة " كُن " ؟! هذا غير جائز ، بل هو محرَّم ، ولا يحل لأحدٍ أن يتكلم في حق ربه بما يوهم نقصا ، أو يبعد عن المقام اللائق في الأدب معه سبحانه .
فالواجب على المسلم ترك الدعاء بهذه الجملة ، والحذر من نشرها ، كما يجب على المواقع الإلكترونية حذف هذه الجملة من مواقعها وعدم اكتساب الإثم بنشرها .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب