الثلاثاء 18 جمادى الأولى 1446 - 19 نوفمبر 2024
العربية

الهجرة من موطن الشرك

170927

تاريخ النشر : 01-07-2011

المشاهدات : 9341

السؤال

لقد عزمنا على شراء دارا جديدة لنسكن فيها في مدينة بغداد ، ووالدي يأبى أن يسكن إلا في المنطقة التي تربى فيها ، وهي منطقة شيعية ، تقام فيها مراسم الشرك كل سنة ، ويضرب أبنائها أنفسهم بالسلاسل حزنا على الحسين كما يدعون ، ونحن الآن كأبناء في حيرة ، فيما أن نخالف والدنا وأن نمنعه من شراء دار في هذه المنطقة ، أو أن نـُسلم لما يريد طاعة ً له ، وفي حال لم نستطع من منعه فما العمل ؟ و هل يدخل في ذلك موضوع الهجرة من مواطن الشرك ، وما هي شروطها و واجباتها ، و للعلم فوالدي رجل ملتزم، ولكن غلب عليه طابع المكان الذي تربى فيه . سددونا بارك الله فيكم .

الجواب

الحمد لله.


يجب على الآباء أن يعلموا أن الله تعالى قد جعلهم رعاة على أهليهم وهم مسئولون عنها يوم القيامة ، كما جاء عن عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِى أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، ... ) رواه البخاري ( 853 ) ومسلم ( 1829 ) .
وقد أمر الله تعالى المؤمنين أن يقوا أنفسهم وأهليهم نار جهنم ، كما قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ ) التحريم/ 6.

ومن هنا ننطلق لنقول للأب الفاضل إن الإقامة بين أظهر أهل البدع المغلظة والعقائد الفاسدة فيه خطر عليك وعلى أسرتك من حيث الفتنة بعقائدهم ، وإذا كان الوالد ملتزما وفي مأمن إن شاء الله من ضلالاتهم وبدعهم ، وإذا كنتم أنتم كذلك : فالخطر لا يزال باقيا على ذريتكم وأولادكم .
وإذا علمنا أن أولئك المبتدعة هم الرافضة ازداد تحذيرنا لك ليشمل الخوف على نفسك وأسرتك من كيدهم وإيقاع الضرر الحسي عليكم ، وواقع بلادكم يشهد بذلك ، فلا ينبغي أن تقدِّم العاطفة على العقل والدِّين ، بل ينبغي إعادة النظر في إقامتكم بين أظهر أولئك الذين يقيمون شعائر الشرك ، ويسبون خير هذه الأمة وهم صحابة رسول الله عليه وسلم ، وقد ذكر العلماء أن المسلم إذا كان لا يأمن على نفسه وأهله الوقوع في الفتنة أو كان لا يستطيع إظهار شعائر دينه : فإنه يجب عليه الهجرة من دياره ، ولا فرق حينها بين أن تكون الديار ديار فسق أو بدعة أو شرك ، وهذا في حال أن يكون المسلم في تلك الديار فيجب عليه الهجرة منها ، فكيف بمن يختارها ليذهب ليسكن فيها ويقيم بين أظهر أولئك الذين يظهرون الشرك باسم الإسلام ويسبون الصحابة رضي الله عنهم ويكفِّرون أهل السنَّة ؟! .
قال ابن العربي المالكي – رحمه الله – في بيان أقسام الهجرة - : الثاني : الخروج من أرض البدعة ، قال ابن القاسم : سمعتُ مالكاً يقول : " لا يحل لأحد أن يقيم ببلد يُسبُّ فيها السلف " .
وهذا صحيح ; فإن المنكر إذا لم تقدر على تغييره فزُل عنه ، قال الله تعالى ( وَإِذَا رَأَيْت الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوصُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) " . انتهى من " أحكام القرآن " ( 2 / 412 ، 413 ) .

فالذي نراه لوالدكم الفاضل تجنب السكنى بين أظهر تلك الفرقة المارقة لما ذكرناه من أسباب .
وفي حال إصرار والدكم على السكنى في ذلك المكان – بعد نصحه بالحسنى - فيجب عليكم الحذر من كيد الرافضة وشرهم ، والاحتياط لدينكم من الفتنة بشعائر دينهم ، واختاروا أن يكون جيرانكم الأقربون من أهل السنة المقيمون في هذا المكان .
والذي نشير عليكم به : ألا تشتروا بيتا أو أرضا في هذا المكان ، بل اجتهدوا أن تكون إقامتكم فيها بإيجار مؤقت ، فلعل الله أن يهدي والدكم ، ويقتنع بالبعد عن هذا المكان ، إلى ما هو خير منه .
وينظر جواب السؤال رقم ( 116607 ) .
وللاطلاع على أحوال الهجرة وشروطها انظر جواب السؤال رقم ( 72955 ) ففيه تفصيل مفيد .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب