الحمد لله.
قول من يقول من الناس: ( المساواة في الظلم عدل ) قول باطل ، بعيد عن شرع الله ودينه بعد المشرقين ، وحاشا رسول الله أن ينطق بمثل ذلك القول ، وإنما الذي قاله النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ، ورواه عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَّهُ قَالَ : ( يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا ) رواه مسلم (2577) .
ونصوص الشرع المتواترة المتكاثرة على التحذير من الظلم ، وبيان سوء عاقبته أكثر من أن نذكرها هنا .
إن هذه الكلمة الباطلة الظالمة تظهر أكثر ما تظهر فيمن له ولاية على الناس ، فتقول له : إذا ظلمت أحد رعيتك ، فأخذت ماله ، أو ضربت ظهره ، أو سجنته .. ، فلا تقتصر على ظلم هذا وحده ، بل اجعل ظلمك عاما لأفراد رعيتك ، حتى تكون عادلا في توزيع الظلم عليهم !!
ومثل هذا لا يصلح أن يقوله إلا الجبارون والمعتدون على حقوق العباد !!
فأي عدل في هذا ، والله تعالى يقول : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) النحل/90
إن المساواة في الظلم : ظلمات ، بعضها فوق بعض !!
وبدلا من أن يلقى ربه بظلم رجل واحد ظلم ، أو عبد واحد اعتدى عليه : إذا به يريد أن يلقى ربه بظلم كل من أمكنه من العباد ، من أجل المساواة بينهم في ذلك !!
أليس هذا أشبه شيء بعمل المشركين ، حين يريدون أن يعملوا الظلم والفواحش ، ثم يدعون أن هذا من عند الله ، وأمره وشرعه . قال الله تعالى : ( وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ ) الأعراف/28-30
إن العدل : هو إعطاء كل ذي حق حقه، ووضع كل شيء في موضعه ؛ فأين هذا من الظلم، أو المساواة فيه؟
والله أعلم .
تعليق