الحمد لله.
أولا :
المعاصي منها ما يتعلق بحق الله تعالى ، ومنها ما يتعلق بحق المخلوق ، فالأول كشرب الخمر والمخدرات ، وهذه تكفي فيها التوبة فيما بين العبد وربه ، فإن رُفع أمره إلى المحكمة ، وعلم أنه سيحكم عليه بالسجن ، مع توبته وإقلاعه ، فله أن ينفي ذلك ليتخلص من العقوبة التي لا يستحقها شرعا .
وإن كانت المعصية تتعلق بحق المخلوق ، كالقتل والسرقة ، فيشترط في التوبة منها : رد المظالم إلى أهلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ) ، رواه البخاري (6534) .
فيلزم في القتل العمد تسليم نفسه لأولياء المقتول ، ولهم الخيار في أخذ القصاص أو الدية .
وفي القتل الخطأ يلزمه دفع الدية ، إلا أن يعفو أولياء المقتول عنها أو عن بعضها .
وفي السرقة يلزمه رد المال المسروق إلى أهله .
وقد تكون الجريمة سبا وضربا ونحو هذا ، وهذه عقوبتها الشرعية : القصاص ، أو التعزير بالحبس .
وإذا تاب الإنسان من هذه الجرائم ، وعلم أن المحكمة ستقضي عليه بعقوبة غير شرعية ، فإن رد الحق إلى أهله ، أو أرضاهم وتصالح معهم ، فله أن ينفي الجريمة ليتخلص من العقوبة التي لا يستحقها شرعا .
ومعرفة كون العقوبة يستحقها شرعا أو لا ، أمر لا يحكم فيه إلا أهل العلم ، بعد الوقوف على نوع الجناية والعقوبة الموضوعة لها ، لا سيما في الأمور المعنوية ، كالسب والتشهير ونحوه .
ولهذا يلزم السائل أو صاحب القضية أن يبين جرمه ، وهل تاب منه قبل رفعه للمحكمة أو بعد رفعه ، والعقوبة التي سيحكم بها عليه في حال إقراره .
وينظر للفائدة : سؤال رقم (7545) .
والله أعلم .
تعليق