الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

حكم تعلم تلاوة القرآن وتجويده عن طريق متابعة القلم الالكتروني .

185848

تاريخ النشر : 18-01-2013

المشاهدات : 23267

السؤال

يوجد قلم قارئ للقرآن وهو ما يسمى " القلم القارئ للقرآن " الذي يساعد على تحسين التجويد ، ويمكنك الاستماع من خلاله إلى قراء مختلفين ، وعند الضغط على القرآن الكريم بالقلم فتتلى الآية بصوت عال ، ويمكنك اختيار القارئ فتتمكن من المراجعة وتصحيح التجويد وعلى جانب قلم القرآن الكريم أزرار تفاعلية على سبيل المثال تفسير للآية ، القاري الذي ترغب في اختياره أو تغيير مستوى الصوت واختيار اللغة التي تريد ... الخ . أريد أن أعرف هل القراءة بقلم القرآن ، وكأنني أقرأ القرآن بطريقة عادية وسوف أحصل على نفس الأجر من القراءة ، فالقلم القارئ يساعدني على تصحيح أخطائي ويجعلني أفهم القرآن أكثر ، وهذا للقرآن الكريم كاملا ، وكنت
أتساءل : هل يكون هذا نوعا من البدعة ؟ ولكن هناك الكثير من الفوائد في هذا كما سبق ، من أجل تحسين فهم وتصحيح التجويد لدي ، والمعرفة عن القرآن الكريم .

الجواب

الحمد لله.

أولا :

ليس في هذا البرنامج المذكور نوع من البدعة إن شاء الله ؛ لأن هذه وسيلة مبتكرة لا محظور فيها تعين على تلاوة القرآن التلاوة الصحيحة وتعين على حفظه ومعرفة تفسيره .

وهذا كدخول الكمبيوتر وآلات التسجيل والتصوير الحديثة وغير ذلك المجال الشرعي لتسجيل المحاضرات وتصويرها وإذاعتها ، إلى غير ذلك . فمثل هذا ليس من قبيل البدعة .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " البدعة هي التعبد لله عز وجل بغير ما شرع ، وعلى هذا فالبدع لا تدخل في غير العبادات ، بل ما أُحدث من أمور الدنيا ينظر فيه هل هو حلال أم حرام ، ولا يقال إنه بدعة ... وعلى هذا فما أحدثه الناس اليوم من الأشياء المقربة إلى تحقيق العبادة لا نقول : إنها بدعة وإن كانت ليست موجودة ، من ذلك مكبّر الصوت ، مكبر الصوت ليس موجوداً في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، لكنه حدث أخيراً ، إلا أن فيه مصلحة دينية ، يبلغ للناس صلاة الإمام وقراءة الإمام والخطبة ، وكذلك في اجتماعات المحاضرات فهو من هذه الناحية خير ومصلحة للعباد ، فيكون خيراً ، ويكون شراؤه للمسجد لهذا الغرض من الأمور المشروعة التي يثاب عليها فاعلها " انتهى من "نور على الدرب" (2/426).
راجع إجابة السؤال رقم (3175) ، والسؤال رقم (95430) .

ثانيا :
تقدم في إجابة السؤال رقم ( 88728 ) ، والسؤال رقم (112763) أن الإنصات لقراءة القرآن خارج الصلاة سواء كان عن طريق القارئ أو عن طريق آلة التسجيل لا يجب ، إلا أنه مستحب مشروع .
وأن الترديد مع القارئ من أجل إتقان القراءة ، أو من أجل مراجعة الحفظ لا حرج فيه .
فاستعمالك هذا القلم الالكتروني ليساعدك على الحفظ وإتقان التلاوة وتصويب الأخطاء ومعرفة التفسير أمر محمود ، لا حرج فيه إن شاء الله .

ثالثا :
أما بالنسبة للأجر : فإن الاستماع إلى القراءة من الجهاز ليس كالاستماع من القارئ المباشر ، كما تقدم في إجابة السؤال رقم (112763) .

وكذلك أيضا : الاستماع ليس كالتلاوة ، بل التلاوة أفضل من الاستماع ، وإن كان التنويع بين العبادات المشروعة أمرا حسنا مطلوبا ، وهو أفضل من تركها بعضها دائما .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" يثاب الإنسان على نيته الصالحة ، وعلى استماعه لتلاوة القرآن وتفسيره ، والأحاديث النبوية ، سواء كانت من فم القارئ ، أو من صوت مسجل براديو أو غيره ، مع أن الأصل في الاستماع إلى قراءة القرآن عن السلف أن تكون من صوت القارئ نفسه وبدون واسطة .
كما أن تلاوة الإنسان القرآن بنفسه بتدبر وخشوع أفضل وأعظم أجراً " .
انتهى من "فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم" (13 /81) .

والتلاوة مع الاستماع لتجويد القراءة وتصويب الأخطاء أفضل من مجرد التلاوة التي يخطئ فيها التالي ؛ لأن القراءة الصحيحة المجودة أفضل من القراءة غير المجودة والتي تقع فيها أخطاء .
هذا بالنسبة لمن لا يحسن التلاوة والتجويد .
فإذا كنت لا تحسن التلاوة فقراءتك القرآن مع متابعة القارئ المجود عن طريق القلم الالكتروني أفضل من مجرد تلاوتك للقرآن مع وقوعك في بعض الأخطاء وعدم تجويدك .
أما بالنسبة لمن يحسن التلاوة والتجويد فالأفضل له الاقتصار على القراءة من المصحف أو القراءة من حفظه إذا كان حافظا ؛ لأن هذا هو الأصل : أن يتلو القرآن دون أن يجمع مع التلاوة السماع ، ولأن هذا هو عمل السلف والأئمة والناس من بعدهم ، ولأن ذلك أجمع لقلب التالي وأقرب إلى الخشوع والتدبر ، وإن كان يشرع له في بعض الأحيان أن يشتغل بالسماع من غيره ، خاصة إذا كان حسن القراءة ، يتخشع فيها .

ومع أنه لا تحجير على فضل الله وعطائه لعباده ، إلا أن قراءة الماهر بالقرآن أفضل من قراءة غيره ، ومن اجتهد في التعلم والضبط والحفظ ، ويشق عليه ذلك ، أجره الله عليه ، وجبر له نقصه ؛ كما روى البخاري (4937) ومسلم (798) – واللفظ له - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ ) .
قال النووي رحمه الله :
" الْمَاهِر : الْحَاذِق الْكَامِل الْحِفْظ الَّذِي لَا يَتَوَقَّف وَلَا يَشُقّ عَلَيْهِ الْقِرَاءَة بِجَوْدَةِ حِفْظه وَإِتْقَانه ، وَأَمَّا الَّذِي يَتَتَعْتَع فِيهِ فَهُوَ الَّذِي يَتَرَدَّد فِي تِلَاوَته لِضَعْفِ حِفْظه فَلَهُ أَجْرَانِ : أَجْر بِالْقِرَاءَةِ , وَأَجْر بِتَتَعْتُعِهِ فِي تِلَاوَته وَمَشَقَّته ، قَالَ الْقَاضِي وَغَيْره مِنْ الْعُلَمَاء : وَلَيْسَ مَعْنَاهُ الَّذِي يَتَتَعْتَع عَلَيْهِ لَهُ مِنْ الْأَجْر أَكْثَر مِنْ الْمَاهِر بِهِ , بَلْ الْمَاهِر أَفْضَل وَأَكْثَر أَجْرًا ; لِأَنَّهُ مَعَ السَّفَرَة وَلَهُ أُجُور كَثِيرَة , وَلَمْ يَذْكُر هَذِهِ الْمَنْزِلَة لِغَيْرِهِ , وَكَيْف يَلْحَق بِهِ مَنْ لَمْ يَعْتَنِ بِكِتَابِ اللَّه تَعَالَى وَحِفْظه وَإِتْقَانه وَكَثْرَة تِلَاوَته وَرِوَايَته كَاعْتِنَائِهِ حَتَّى مَهَرَ فِيهِ ؟ " انتهى .

والخلاصة :
حيث إنك لا تحسن التلاوة المجودة ، وتخطئ أحيانا في التلاوة ، فيساعدك هذا القلم على تصويب الخطأ والتلاوة الجيدة ، مع معرفة التفسير : فمتابعتك مع هذا البرنامج أمر حسن مشروع ، لا بدعة فيه ، إن شاء الله .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب