الأحد 21 جمادى الآخرة 1446 - 22 ديسمبر 2024
العربية

سرق من أموال الشركة ، ويسأل عن حكم صلاته وباقي عباداته

السؤال

أنا رجل أبلغ من العمر ثلاثة وثلاثين عاما ، كنت أعمل في سن السادسة والعشرون في شركة يتملكها ثلاثة أشخاص ، وكنت أعمل لدي هذه المجموعة منذ سن الثامنة عشرة ، وكانوا ولا يزالون أصدقاء مقربين لي ، ولكنني سرقت منهم أموالا عندما كنت في سن السادس والعشرين أو السابع والعشرين ، قد ضللت الطريق واصطحبت رفاق السوء ، أعلم الخطأ الذي ارتكبته ولكن بسبب رفاق السوء لم أقدر علي السير في اتجاه الصواب ولكنني سجلت كل ما سرقته ويبلغ تقريبا أربعا وعشرين ألف دولار ، لا أنام بسبب هذا ، وأسأل الله ، وأدعوه أن يساعدني فقد اقترفت ذنبا عظيما . لا يعرف أي إنسان بهذه السرقة سوى أنا وزوجتي وربي وأنت الآن ، هداني الله بفضله وأسبغ علي رحمته وتزوجت والتزمت دينيا . تصفحت موقعكم لعلي أعثر علي جواب لسؤالي فلم أجد وأود منكم جوابا علي . وأسئلتي :

ليس بحوزتي مال كي أرد ما سرقته فلو مت غدا هل ستغلق أبواب الجنان دوني ؟
إذا لم أستطع رد ذلك المال الذي سرقته طيلة حياتي فهل لا يقبل الله تعالي صلواتي ولا زكاتي ؟
هل يمكن أن أحج ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
الذي سلك بك طريق الحق ، وجنبك السير في خطى رفقاء السوء .
من المعلوم أن الذنوب من جهة تعلقها نوعان :
الأول :
ذنوب متعلقة بحق الله ، فهذه يغفرها الله ، إذا تاب الإنسان توبة صادقة نصوحا ، كما قال تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ ) الشورى / 25 .

 

الثاني :
ذنوب متعلقة بحق المخلوق ، فهذه يشترط لقبول التوبة منها : أن يرد الإنسان الحق إلى أصحابه ، أو أن يتحلل منهم ، بأن يطلب منهم أن يسامحوه عن ذلك الحق الذي لهم .
فقد روى البخاري (6534) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ [ يعني : هناك يوم القيامة ] دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ ، مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ) .
وللفائدة ينظر جواب السؤال : ( 43017 ) .

 

ثانياً :
إذا لم تستطع رد المال في الوقت الحالي ، فيبقى المال في ذمتك ، ترده متى قدرت على ذلك .
قال القرطبي رحمه الله : " فإن كان الذنب من مظالم العباد ، فلا تصح التوبة منه إلا برده إلى صاحبه والخروج عنه - عينا كان أو غيره - إن كان قادرا عليه ، فإن لم يكن قادرا ، فالعزم أن يؤديه إذا قدر في أعجل وقت وأسرعه " انتهى من " تفسير القرطبي " (18/200) .

فإذا قُدِر أن الإنسان لم يستطع رد الحقوق إلى أصحابها حتى مات ، وكان في نيته العزم على ردها ، فهذا أمره إلى الله ، ولعل الله أن يؤدي عنه ما أخذ يوم القيامة .

ثالثاً :
قبول الأعمال الصالحة من صلاة وزكاة وحج وغير ذلك من العبادات ، مرده إلى الله ، لكن يرجى لمن أتى بالعبادة على الوجه المطلوب شرعاً ، أن يقبل الله منه ذلك .

وقد سبق في الموقع في جواب السؤال رقم : (107241) أن فعل المعاصي والكبائر من الشخص ليس مانعاً من قبول أعماله الصالحة الأخرى ، وهذا في حق من لم يتب من تلك المعاصي ، فكيف بمن تاب وعزم على رد الحقوق .
وعليه ، فذنبك السابق لا يمنع من قبول الأعمال الصالحة ، من صلاة وزكاة ونحوها .

أما بالنسبة للحج ، فمعلوم أن الحج يحتاج إلى نفقات مالية ، فإن كان عندك مال فائض عن حاجتك ، فالواجب عليك أن تصرفه في أداء ما عليك من حقوق ، وما أخذته من أموال الناس ، حتى ولو وكان أقل من حقهم ، فالواجب عليك أن تتخفف من هذه الحقوق ، بقدر استطاعتك وجهدك (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/ 286 .

نسأل الله أن يعينك على قضاء دينك ، وأن يتجاوز عنا وعنك ، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب