الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

من كان سفره دائماً ، فهل له أن يترخص برخص السفر ؟

السؤال

نحن عمال الشركة التونسية للملاحة ، نسافر من تونس إلى إيطاليا ، ونعود على تونس ، وفي نفس اليوم نسافر إلى فرنسا ، ولنا راحة أسبوعية يوم ، ونبقى على هذا المنوال مدة 3 أو 4 أشهر . فهل لنا حكم المسافر من قصر وجمع للصلاة ؟ وعندما نعود إلى تونس ونكون في انتظار الباخرة لنسافر في نفس اليوم ( مدة الانتظار 4 ساعات تقريبا ) . فهل لنا حكم المسافر في تلك الأثناء ؟ مع العلم أن هناك من العمال من يسكن قريبا من الميناء . وعند يوم الراحة هناك من لا يرجع إلى منزله بحكم البعد ، فهل له حكم المسافر ؟ وإن كنا في حكم المسافر هل نستطيع قصر صلاة في طريقنا إلى الباخرة ؟

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
المسافر الذي من شأنه السفر دائما ، كالملاحين في السفينة ، وسائقي القطارات وسيارات الأجرة والطيارين ، هؤلاء إذا سافروا ، فلهم أن يترخصوا برخص السفر في حال سيرهم ، فإن وصلوا إلى محل إقامتهم ، فيلزمهم إتمام الصلاة ؛ لأن وصف السفر قد انقطع عنهم ، كما يلزمهم – على مذهب الجمهور – أن يتموا الصلاة إذا نزلوا ببلد ، ونووا الإقامة فيه أربعة أيام ، فأكثر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وَيُفْطِرُ [ يعني : ويقصر الصلاة ] : مَنْ عَادَتُهُ السَّفَرُ إذَا كَانَ لَهُ بَلَدٌ يَأْوِي إلَيْهِ ، كَالتَّاجِرِ الْجَلَّابِ الَّذِي يَجْلِبُ الطَّعَامَ وَغَيْرَهُ مِنْ السِّلَعِ ، وَكَالْمُكَارِي الَّذِي يَكْرِي دَوَابَّهُ مِنْ الْجُلَّابِ وَغَيْرِهِمْ ، وَكَالْبَرِيدِ الَّذِي يُسَافِرُ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوِهِمْ ، وَكَذَلِكَ الْمَلَّاحُ الَّذِي لَهُ مَكَانٌ فِي الْبَرِّ يَسْكُنُهُ ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي السَّفِينَةِ امْرَأَتُهُ وَجَمِيعُ مَصَالِحِهِ وَلَا يَزَالُ مُسَافِرًا فَهَذَا لَا يَقْصُرُ وَلَا يُفْطِرُ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (25/213) .

وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله : ماذا عن الرجل المسافر على الدوام ، كأن يكون سائقا بين المدن ، هل الأفضل له القصر أم الإتمام ، وعلى هيئتها بقية الرخص في السفر ؟

فأجاب رحمه الله : " المسافر الذي من شأنه السفر مثل سائق التكس أو الجمال ، إن كان يسافر على الإبل مثل ما مضى من الزمان له القصر مدة السفر ، وله الجمع مدة السفر ، فإذا وصل إلى بلده لم يقصر ولم يجمع ، وإذا وصل إلى بلد يريد أن يقيم فيها أكثر من أربعة أيام لم يقصر ولم يجمع ، أما ما دام في السفر أو في حكم السفر ولو أن طبيعته السفر ، ولو أنه دائم الأسفار ، فالحاجة تعمه بنص القرآن والسنة ، كلاهما يعمه ويعم غيره ، فالإنسان الذي من عادته السفر ؛ لأنه جمّال ، لأنه صاحب تكس ، له أن يقصر في سفره ، وفي مدة إقامته في البلد التي يمر بها ، إذا كانت الإقامة أربعة أيام فأقل " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " .
http://www.alifta.net/Fatawa/FatawaChapters.aspx?View=Page&PageID=3375&PageNo=1&BookID=5

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " قصر الصلاة متعلق بالسفر ، فما دام الإنسان مسافراً ، فإنه يشرع له قصر الصلاة , سواء كان سفره نادراً أم دائماً , إذا كان له وطن يأوي إليه ويعرف أنه وطنه , وعلى هذا فيجوز لسائق الشاحنة أن يترخص برخص السفر من قصر الصلاة , والمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها والفطر في رمضان وغيرها من رخص السفر " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (15/264) .

فعلى هذا ، لكم أن تترخصوا برخص السفر في حالين :
في حال سفركم إلى البلدين المذكورين في السؤال .
وفي حال ما إذا كانت الإقامة في تلك البلاد أقل من أربعة أيام ، على مذهب الجمهور .

وينظر للفائدة في جواب السؤال رقم : (105844) ، وجواب السؤال رقم : (98574) .
ثانياً :
أما قصر الصلاة في الميناء ، فهذا له أحوال :
الأول : أن يكون العامل في الشركة ، مقيما في بلد آخر ، سوى البلد التي توجد فيها الميناء ، فهذا في حكم المسافر أيضا ، ولا فرق في حقه بين أن تكون الميناء في دولته ، أو في دولة أخرى ، وإنما العبرة بمكان إقامته .
الثاني : أن يكون مقيما في نفس البلد ، ويكون الميناء داخل حدود عمران المدينة ، فهذا إذا وصل إلى الميناء ، فقد انقطع عنه حكم السفر ، فلا يحل له أن يترخص برخصه ؛ فلا يقصر الصلاة ، ولا يجمع ، ولا يفطر في رمضان .
وإذا كان مبتدئا في سفره ، فلا يحل له أن يترخص بشيء من ذلك ما دام في الميناء ، بل يبدأ في الترخص إذا فارق عمران المدينة التي يسكنها .
الثالث : أن يكون مقيما في نفس البلد الذي توجد فيه الميناء ، لكن الميناء خارج حدود عمران المدينة ، غير متصل بمساكنها : فهذا لا ينقطع عنه حكم السفر بمجرد وصول الميناء ، بل يبقى يترخص برخص السفر ، حتى يدخل حدود عمران المدينة .
وإذا كان مبتدئا في سفره ، فإنه يبدأ في الترخص بمفارقة عمران بلده ، ولو كان في الميناء ، أو في مكان دونه .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : إذا كان في القصيم وخرج إلى المطار ، هل يقصر في المطار ؟
فأجاب : " نعم يقصر ؛ لأنه فارق عامر قريته ، فجميع القرى التي حول المطار منفصلة عنه ، أما من كان من سكان المطار : فإنه لا يقصر في المطار ؛ لأنه لم يفارق عامر قريته " .
انتهى " الشرح الممتع " (4/364) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب