الخميس 20 جمادى الأولى 1446 - 21 نوفمبر 2024
العربية

ما حكم البيت بوكس" Beat box " ؟

193426

تاريخ النشر : 22-03-2014

المشاهدات : 83259

السؤال


أحب أن أستفسر عن حكم البيت بوكس " Beat box " ، وهي أصوات تشبه الموسيقي يصدرها الشخص بواسطة فمه بدون تدخل آلات موسيقية أيًا كانت ، فما حكم سماعها أو تعلُمُها ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
" البيت بوكس " هو فن يعتمد على إخراج صوت الطبول والإيقاع والأصوات الموسيقية باستخدام الفم وممر الأنف والحنجرة ، وفي بعض الأحيان يستخدم هؤلاء الفنانون أيديهم أو أي أجزاء أخرى من أجسادهم لتوسيع نطاق المؤثرات الصوتية والإيقاع .
وقد انتشر في الغرب منذ عشرات السنين ؛ وبدأت في الدخول للبلاد العربية ، والانتشار بها ، في السنوات الأخيرة .

ثانياً :
هذه الأصوات البشرية التي يتم إخراجها بطريقة تشبه أصوات الآلات الموسيقية : أصوات محرمة ، يحرم إخراجها بهذه الطريقة كما يحرم سماعها .

ويدل على ذلك جملة من الأمور :
الأول : أن المعازف التي وردت النصوص بتحريمها ، ليست محصورة في آلات معينة ، بل التحريم شامل لكل ما يندرج تحت هذا اللفظ العام .
وأهل اللغة لم يحصروها في نوع معين ، بل أدخلوا فيها كل ما كان من " الملاهي " ، فالمَعازف : " اسم يجمع العُود والطنبور ، وما أشبههما " كما في " جمهرة اللغة - لابن دُرَيد " (1/452) .

وإذا كان تحريم المعازف لا يختص بآلة دون آلة ؛ فتحريم الآلة ليس لعينها ، بل لما ينتج عنها من اللهو المحرم ؛ فمتى صدر هذا اللهو المحرم من شيء آخر ، كان له حكم هذه الآلة ، ومتى فقدت الآلة هذه الخاصية ، لم يتعلق بها تحريم من هذا الوجه .

قال ابن عابدين رحمه الله : " آلَةَ اللَّهْوِ لَيْسَتْ مُحَرَّمَةً لِعَيْنِهَا ، بَلْ لِقَصْدِ اللَّهْوِ مِنْهَا ، إمَّا مِنْ سَامِعِهَا أَوْ مِنْ الْمُشْتَغِلِ بِهَا.. " انتهى من " حاشية ابن عابدين " (6/350) .

الثاني : أن الشرع لا يفرِّق بين المتماثلات ، فلا يليق أن يُنسبَ إلى الشرع الحكيم أنه يُحرِّم صوتاً ، ثم يبيح صوتاً آخر مماثلاً له .
وكما قال ابن القيم رحمه الله تعالى : " فالشريعة لا تفرِّق بين متماثلين البتَّة ، ولا تسوِّي بين مختلفين ، ولا تحرِّم شيئاً لمفسدة ، وتبيح ما مفسدته مساوية لما حرَّمته ، ولا تبيح شيئاً لمصلحة ، وتحرِّم ما مصلحته مساوية لما أباحته البتة ، ولا يوجد فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم شيء من ذلك البتة " انتهى من " بدائع الفوائد " (3/663) .
وهذه الأصوات مماثلة لصوت الموسيقى ، حتى إن مهندسي الصوت أنفسهم ، ربما يجدون صعوبة ، في بعض الأحيان ، في التمييز بين هذه الأصوات والموسيقى .

الثالث : أن العبرة بمآلات الأمور ، وصوت الآدمي إذا غُيِّر فآل إلى الصوت الموسيقي ، فالعبرة بما آل إليه ، لا بأصله ، كما لو غيِّر صوت رجل إلى صوت فتاة مراهقة أو بالغة .
فهذه الأصوات ، وإن كان أصلها مباحاً ، إلا أنها بعد التعديل تأخذ حكماً آخر ، ولو كان بناء الأحكام على ماضيِّها وأصولها ؛ لقلنا بحل الخمر ؛ لأنها في ماضيها وأصلها مأخوذة من العنب أو الزبيب المعلوم الحِلّ .
وقد ألمح ابن القيم رحمه الله إلى تلبيس الشيطان على الناس بمثل هذه الأمور فقال : " ولما يئس الصياد [ يقصد الشيطان ] من المتعبدين أن يَسمع أحدهم شيئاً من الأصوات المحرَّمة كالعود والطنبور والشبَّابة ، نظر إلى المعنى الحاصل بهذه الآلات فأدرجه في ضمن الغناء وأخرجه في قالبه ، وحسنه لمن قلَّ فقهه ورقَّ علمه ، وإنما مراده التدريج من شيء إلى شيء .
والعارفُ من نظر في الأسباب إلى غايتها ونتائجها ، وتأمل مقاصدها وما تؤول إليه " .
انتهى من " الكلام على مسألة السماع " (ص/167) ، ومعناه في " تلبيس إبليس - لابن الجوزي " (ص /274) .

الرابع : أن الطَّرب الحاصل بهذه الأصوات ، يماثل الطرب الحاصل بآلات الموسيقى ، فوجب إلحاقها بها .
وقد نص العلماء على تحريم بعض الأشياء لوجود الطرب فيها ، فذكر ابن حجر الهيتمي رحمه الله أنه : " يمكن أن يستدل لتحريم الشبَّابة ، بالقياس على الآلات المحرمة ، لاشتراكه في كونه مُطرِبا " انتهى من " كف الرعاع " (ص/160) .

وقد سئل الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله : ما حكم إخراج أصوات من الفم ، تشبه أصوات المعازف ؟
فقال : " نرى أنه يحرم ، لأنه يقوم مقام آلات اللهو ، وهي آلات محرمة تصد عن ذكر الله ؛ وما قام مقامها فهو محرم " ، وقد سبق نقل هذا عنه في جواب السؤال : (1867) .

ثالثاً :
وأما الأصوات البشرية التي لا تشبه صوت الآلات الموسيقية : فهي مباحة ، كما يباح صوت خرير الماء ، أو صوت الرياح ، أو أصوات الحيوانات ، كصهيل الفرس وصوت العصافير، أو صوت الآدمي ، من بكاء أو ضحك ، أو أصوات المدافع والقذائف ، أو أصوات السيارات ، وسقوط الأشياء ، وكسر الزجاج ... الخ .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب