الحمد لله.
أولاً :
أهل مكة ومن كان فيها من غير أهلها ، إذا أرادوا العمرة ، فإنهم يحرمون بها من الحل ( أي : خارج حدود الحرم ) .
جاء في " فتاوى اللجنة
الدائمة - المجموعة الأولى " (11/127) : " ميقات العمرة لمن بمكة : الحل ؛ لأن
عائشة رضي الله عنها لما ألحت على النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتمر عمرة مفردة ،
بعد أن حجت معه قارنة : أمر أخاها عبد الرحمن أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه
بعمرة .
وهو أقرب ما يكون من الحل إلى مكة ، وكان ذلك ليلا ، ولو كان الإحرام بالعمرة من
مكة أو من أي : مكان من الحرم جائزا ؛ لما شق النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه
وعلى عائشة وأخيها بأمره أخاها أن يذهب معها إلى التنعيم لتحرم منه بالعمرة ، وقد
كان ذلك ليلا وهم على سفر ، ويحوجه ذلك إلى انتظارهما ، ولأذن لها أن تحرم من
منزلها معه ببطحاء مكة ، وعملا بسماحة الشريعة الإسلامية ويسرها ؛ ولأنه ما خير بين
أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما ، فإن كان إثما كان أبعد الناس منه ، وحيث
لم يأذن لها في الإحرام بالعمرة من بطحاء مكة : دل ذلك على أن الحرم ليس ميقاتا
للإحرام بالعمرة ، وكان هذا مخصصا لحديث : ( وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل
المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن
يلملم ، هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن يريد الحج والعمرة ، ومن كان دون
ذلك فمهله من أهله ، حتى أهل مكة من مكة ) ، وبالله التوفيق " انتهى .
فإن أحرم المكي أو من كان في
مكة للعمرة من داخل حدود الحرم ، فعليه دم ( شاة ) ؛ لتركه واجباً من الواجبات ،
وهو الإحرام من الميقات .
قال ابن قدامه رحمه الله : "
وإن أحرم بالعمرة من الحرم , انعقد إحرامه بها , وعليه دم ; لتركه الإحرام من
الميقات " انتهى من " المغني " (3/113) ، وينظر : "المجموع" للنووي (7/209) .
ثانياً :
إذا حصل أنكما أحرمتما في العمرتين من داخل حدود الحرم ، فإنه يلزمكما دم عن كل
عمرة ؛ لأن كل عمرة تعتبر مستقلة عن العمرة الأخرى .
فيكون الواجب على كل واحد منكما دمان : دم عن العمرة الأولى ، ودم عن العمرة
الثانية ؛ لترك واجب من واجبات الإحرام في العمرتين .
ثالثاً :
من وجب عليه دم لترك واجب من واجبات الإحرام ، فإنه يذبحه في مكة ويوزعه على فقراء
الحرم .
سئل علماء اللجنة الدائمة
للإفتاء :
بالنسبة للدم لمن ترك واجبات الحج ، فما هو ذلك الدم ، هل هو مثل دم التمتع المذكور
في قوله تعالى : ( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا
اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) الآية ، وإذا كان كذلك ، فهل يجوز إخراج قيمة الدم
وإعطائه لشخص مثلا ؟ وإذا جاز ذلك ، فهل يجوز للشخص الذي تسلم قيمة الدم أن ينفقه
على نفسه أو على أهله بدون أن يشتري الهدي ويذبحه ؟
فأجابت : " من ترك واجبا من
واجبات الحج والعمرة وجب عليه دم ، والدم سبع بدنة ، أو سبع بقرة ، أو شاة تجزئ
أضحية ، يذبح بمكة ويقسم بين فقراء الحرم ، ولا يجوز إخراج قيمة الدم نقودا ؛ لأن
إخراج النقود يخالف ما أمر الله به " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الأولى " (11/ 342) .
وعليه : فالدماء الواجبة
عليكم لترك الإحرام من الحل ، تذبح في الحرم ، وتوزع على فقرائه ، ولا يجوز لكم
إخراج القيمة ، ولا ذبح الهدي خارج الحرم .
فإن تعذر عليكما معرفة
الفقراء المستحقين ، فوكلا الجمعيات الخيرية في مكة بالقيام بالذبح عنكما ، ويجزئ
ذلك عنكما .
والله أعلم .
تعليق