الحمد لله.
أولا :
ندب الشرع إلى الإحسان إلى المملوك والخادم ، بأن يشركه صاحب البيت في طعامه ، وشرابه ، خاصة إذا كان هذا الخادم هو من يصنع ذلك الطعام ، أو ينقله إلى السيد ، فتقع عينه عليه .
روى البخاري (5460) ومسلم (1663) عن أبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا أَتَى أَحَدَكُمْ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ، فَإِنْ لَمْ يُجْلِسْهُ مَعَهُ، فَلْيُنَاوِلْهُ أُكْلَةً أَوْ أُكْلَتَيْنِ، أَوْ لُقْمَةً أَوْ لُقْمَتَيْنِ، فَإِنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَعِلاَجَهُ )
قال النووي رحمه الله :
" فِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَثُّ عَلَى مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْمُوَاسَاةِ فِي الطَّعَامِ ، لَا سِيَّمَا فِي حَقِّ مَنْ صَنَعَهُ أَوْ حَمَلَهُ ، لِأَنَّهُ وَلِيَ حَرَّهُ وَدُخَانَهُ ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ نَفْسُهُ وَشَمَّ رَائِحَتَهُ ، وَهَذَا كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ " انتهى .
وقال الحافظ رحمه الله :
" وَلَيْسَ فِي الْأَمْرِ فِي قَوْلِهِ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ( أَطْعِمُوهُمْ مِمَّا تَطْعَمُونَ ) إِلْزَامٌ بِمُؤَاكَلَةِ الْخَادِمِ ، بَلْ فِيهِ أَنْ لَا يَسْتَأْثِرَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ ، بَلْ يُشْرِكَهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ لَكِنْ بِحَسَبِ مَا يَدْفَعُ بِهِ شَرّ عينه ، وَقد نقل ابن الْمُنْذِرِ عَنْ جَمِيعِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْوَاجِبَ إِطْعَامُ الْخَادِمِ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ مِثْلَهُ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ ، وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي الْأُدْمِ وَالْكِسْوَةِ وَأَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَسْتَأْثِرَ بِالنَّفِيسِ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ أَنْ يُشْرِكَ مَعَهُ الْخَادِمَ فِي ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ " انتهى .
ثانيا :
العفو عنها والتجاوز عن أخطاء الخدم المعتادة : من مكارم الأخلاق ؛ وقد أمر الله عباده بالإحسان ؛ فقال : (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) البقرة/195 .
وقد روى أبو داود (5164) عن عَبْد اللَّهِ بْن عُمَرَ قال: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَمْ نَعْفُو عَنِ الْخَادِمِ؟ فَصَمَتَ، ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ، فَصَمَتَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ، قَالَ: ( اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً )
وفي رواية : أَنَّ رَجُلًا أَتَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لِي خَادِمًا يُسِيءُ وَيَظْلِمُ أَفَأَضْرِبُهُ، قَالَ: ( تَعْفُو عَنْهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً ) رواه أحمد (5635) ، وصححه الألباني .
ومن الإحسان المندوب إليه : ما تقومون به من تزويدها بشيء من حاجيات المنزل : وهذا غير واجب عليكم أصلا ، لكن : إن فعلتم بها شيئا من ذلك إحسانا وكرما ، فهو من نافلة الخير لكم ، إن شاء الله .
ثالثا :
ليس للخادمة ممارسة نشاط غير معتاد في بيت مخدومها إلا بإذنه ، ولا أن تتصرف في حاجيات المنزل وأثاثه وترتيبه إلا بإذنه .
ولا أن تأخذ ، أو تعطي منه شيئا : لم يجر عرف الناس المطرد بمثله ، ولم يأذن به صاحب المنزل ؛ فإن فعل ، فقد خان الأمانة التي أوكلها إليه صاحب المنزل .
وليس لها عندكم أيضا حق ثابت : فوق ما تم اشتراطه لها عند العقد ، أو جرى العرف المطرد به ، في مثل تلك الحال ؛ فالمعروف عرفا ، كالمشروط شرطا .
وينظر للفائدة إجابة السؤال رقم (20869)
والله أعلم .
تعليق