الثلاثاء 23 جمادى الآخرة 1446 - 24 ديسمبر 2024
العربية

هل يقتص ممن قتل زوجته أو أبنائه ؟

203577

تاريخ النشر : 21-12-2013

المشاهدات : 66669

السؤال


سمعنا أن الرجل لا يقتص منه بالقتل لو قتل زوجته أو أبناءه ، فهل هذا صحيح ؟

الجواب

الحمد لله.


أما قتل الوالد بولده ، فهي مسألة خلافية ، فجمهور أهل العلم : على أن الوالد إذا قتل ولده ، فإنه لا يقتص منه ، والقول الثاني : أنه يقتص من الوالد إذا قتل ولده عمداً .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " جمهور أهل العلم : لا يرون أن الوالد يُقتل بولده إذا قتله عمداً ، واستدلوا لذلك بدليل وتعليل ، وأما الدليل ، فالحديث المشهور : ( لا يقتل والد بولده ) ، وأما التعليل ، فقالوا : إن الوالد هو السبب في إيجاد الولد ، فلا ينبغي أن يكون الولد سبباً في إعدامه .

وذهب بعض أهل العلم : إلى أن الوالد يقتل بولده ، إذا علمنا يقينياً أنه تعمد قتله ؛ وذلك لعموم الأدلة على وجوب القصاص في قتل النفس ، مثل قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى ) ، ومثل قوله تعالى : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين ) ، ومثل قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين التارك الجماعة ) .
قالوا : فهذه العمومات تقتضي أن الوالد إذا علم أنه قصد قتل ابنه عمداً ، فإنه يقتل بولده ، وأما الحديث المشهور : ( لا يقتل والد بوالده ) ، فهو ضعيف عندهم .
وأما التعليل ، فهو غير صحيح ؛ لأن قتل الوالد بولده ليس بسبب من الولد ، وإنما السبب من الوالد ، فهو الذي جنى على نفسه في الحقيقة ؛ لأنه هو السبب في قتل نفسه حيث قتل نفساً محرمة " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/355) .

وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (187507) ، وجواب السؤال رقم : (164312) .

وأما قتل الزوج بزوجته ، ففيه تفصيل على مذهب الجمهور :
إن قتلها وليس بينهما ولد ، فإنه يقتص منه ؛ أخذاً بعموم النصوص الدالة على القصاص من القاتل .
وأما لو كان بينهما ولد ، فإنه لا يقتص منه ؛ لكون الولد قد ورث القصاص ، ولا قصاص للولد على والده .
قال ابن قدامه رحمه الله : " ولو قتل أحد الأبوين صاحبه , ولهما ولد , لم يجب القصاص ; لأنه لو وجب : لوجب لولده , ولا يجب للولد قصاص على والده ; لأنه إذا لم يجب بالجناية عليه , فلأن لا يجب له بالجناية على غيره أولى ...
فإن لم يكن للمقتول ولد منهما , وجب القصاص , في قول أكثر أهل العلم .
وقال الزهري : لا يقتل الزوج بامرأته ; لأنه ملكها بعقد النكاح ، فأشبه الأمة .
ولنا : عمومات النص , ولأنهما شخصان متكافئان , يحد كل واحد منهما بقذف صاحبه , فيقتل به , كالأجنبيين . وقوله : إنه ملكها . غير صحيح , فإنها حرة , وإنما ملك منفعة الاستمتاع , فأشبه المستأجرة ... " انتهى من " المغني " (8/229) .

فالمسألة في الصورتين محل خلاف ، ومثل هذا يُرجع فيه للمحاكم الشرعية ؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف في أمثال هذه المسائل .

والقول بعدم القصاص ، لا يعني عدم التحريم ؛ فقتل النفس كبيرة من أعظم الكبائر ، بل قتل الإنسان نفسه كبيرة من الكبائر ، توعد الله فاعلها بوعيد عظيم ؛ فكيف بقتله غيره ، فكيف بقتله ولده الذي أمر بتربيته والقيام عليه ، أو زوجته التي أمر بالإحسان إليها وحفظ حقها .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب