الحمد لله.
أولا :
الدعاء من العبادة ، وهو سلاح المؤمن ، وغياثه وقت الكروب والشدائد والحاجات .
والمشروع أن يتأدب الداعي في دعائه بأدب الدعاء ، ينظر لمعرفة آداب الدعاء جواب السؤال رقم : (41017) .
ثانيا :
على العبد أن يسأل ربه تعالى ويحسن الظن به في حاجته وسؤاله ، ويعلم أن الله تعالى يجيب دعوة الداعي إذا دعاه ، كما قال تعالى : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ) البقرة/ 186 .
وإجابة الدعاء إنما تكون
بإحدى ثلاث : إما أنْ يعجِّل الله له دعوتَه ، وإمَّا أنْ يدَّخر له من الخير مثلها
، وإما أنْ يصرف عنه من الشرِّ مثلها .
وقد يكون من الخير للداعي عدم حصول مطلوبه ؛ لما في حصوله من الشر والفتنة ، والعبد
في غفلة عن هذا .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" فالدعوة التي ليس فيها اعتداء : يحصل بها المطلوب ، أو مثله ، وهذا غاية الإجابة
؛ فإن المطلوب بعينه : قد يكون ممتنعاً ، أو مفسداً للداعى ، أو لغيره ، والداعي
جاهل لا يعلم ما فيه المفسدة عليه ، والرب قريب مجيب ، وهو أرحم بعباده من الوالدة
بولدها ، والكريم الرحيم إذا سئل شيئاً بعينه ، وعلم أنه لا يصلح للعبد إعطاؤه :
أعطاه نظيره ، كما يصنع الوالد بولده إذا طلب منه ما ليس له ، فإنه يعطيه من ماله
نظيره ، ولله المثل الأعلى " .
انتهى من " مجموع الفتاوى " ( 14 / 368 ) .
وينظر جواب السؤال رقم : (127017)
.
والحاصل :
أن العبد يدعو ربه بخير الدنيا والآخرة ، وقد مدح الله عباد الرحمن الذين يقولون :
( رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ
وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ) الفرقان/ 74 .
وفي الحديث عن أم المؤمنين عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، عَلَّمَهَا هَذَا الدُّعَاءَ: " اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنَ
الْخَيْرِ كُلِّهِ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ ، مَا عَلِمْتُ مِنْهُ وَمَا لَمْ أَعْلَمْ،
وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ ، عَاجِلِهِ وَآَجِلِهِ مَا عَلِمْتُ مِنْهُ
، وَمَا لَمْ أَعْلَمْ ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِ مَا سَأَلَكَ
عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَعُوذُ بِكَ
مِنْ شَرِّ مَا عَاذَ مِنْهُ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ ، اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ
الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ
النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَأَسْأَلُكَ أَنْ
تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ تَقْضِيهِ لِي خَيْرًا " .
رواه أحمد في مسنده (25019ـ الرسالة) ، وصححه الألباني .
والراحة ـ أيضا ـ هي من جملة
هذا الخير .
فإن لم يكن يدري وجه الخير في أمره ، أو تردد فيه ، فعليه بدعاء الاستخارة لله عز
وجل ، ففيه الدعاء بما يرجو العبد من الراحة ، وزيادة .
وينظر جواب السؤال رقم : (72255)
.
على أن العبد ينبغي أن يعلم
أن الراحة الحقيقية ، والراحة التامة : إنما هي بلقاء الله ، والتنعم في جنته ،
وأما قبل ذلك : فلا يصفو أمر لراحة أبدا ، بل ساعة وساعة ، وقد قال الله تعالى :
(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ) البلد/4 .
وقال الشاعر :
طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها * صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ
وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها * مُتَطَّلِب في الماءِ جَذوة نارِ
والله تعالى أعلم .
تعليق