الحمد لله.
" ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَدَّ خِلاَفُ الزَّوْجَيْنِ ، وَأَشْكَل أَمْرُهُمَا ، وَلَمْ يُدْرَ مِمَّنِ الإْسَاءَةُ مِنْهُمَا ، وَخِيفَ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمَا إِلَى حَدٍّ يُؤَدِّي إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالظُّلْمِ ، فَإِنَّ التَّحْكِيمَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ مَشْرُوعًا بِقَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء/35 " انتهى من "الموسوعة الفقهية" (40/ 308) .
قال ابن كثير رحمه الله :
" قال الْفُقَهَاءُ : إِذَا وَقَعَ الشِّقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ، أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إِلَى جَنْبِ ثِقَةٍ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمَا ، وَيَمْنَعُ الظَّالِمَ مِنْهُمَا مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنْ تَفَاقَمَ أَمَرُهُمَا وَطَالَتْ خُصُومَتُهُمَا، بَعَثَ الْحَاكِمُ ثِقَةً مَنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ ، وَثِقَةً مِنْ قَوْمِ الرَّجُلِ : لِيَجْتَمِعَا ؛ فينظرا فِي أَمْرِهِمَا ، وَيَفْعَلَا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِمَّا يَرَيَانِهِ ، مِنَ التَّفْرِيقِ أَوِ التَّوْفِيقِ ، وَتَشَوَّفَ الشَّارِعُ إلى التوفيق، ولهذا قال تَعَالَى: (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما) ".
انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 259) .
والأقارب أولى الناس بهذه المصالحة ؛ لما يُعلم عنهم عادة من محبة الوفاق والسعي إليه بكل طريق ، وبغض الفراق والحيلولة دونه .
قال الصاوي المالكي في "حاشيته" (2/ 513):
" قَوْلُهُ : "حَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا" : أَيْ لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الْأَحْوَالِ ، وَأَطْيَبُ لِلْإِصْلَاحِ ، وَنُفُوسُ الزَّوْجَيْنِ أَسْكَنُ إلَيْهِمَا ، فَيُبْرِزَانِ مَا فِي ضَمَائِرِهِمَا مِنْ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ ، وَإِرَادَةِ الْفُرْقَةِ أَوْ الصُّحْبَةِ " انتهى .
ويدخل في ذلك أخو الزوجة ، وكذا أخو الزوج ، وهما من أولى الناس بذلك ، إذا كانا عدلين عاقلين صالحين ؛ فهما داخلان في عموم "أهله" ، و"أهلها" ، من غير شك ، ويزيدان على غيرهما أنهما ـ في معتاد الأحوال ـ أشد حرصا على التوفيق والإصلاح بين الزوجين ، من غيرهما من الأبعدين ، لما لهما من الخاصة والقرابة بالزوجين .
قال ابن حزم رحمه الله في
تفسير الأهل في هذه الآية :
" الْأَهْلُ الْقَرَابَةُ : هُمْ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ ، وَالْأَهْلُ أَيْضًا :
الْمَوَالِي " .
انتهى من "المحلى" (9/ 246) .
راجع للاستزادة إجابة السؤال رقم : (22216)
.
والله أعلم .
تعليق